الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٨٨ - الأربعاء ٢٢ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٣٠ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

انتقادات حادة لتغطية الـ«بي بي سي» لأحداث البحرين

أنور عبدالرحمن: كفانا خداعا.. الـ«بي بي سي» تعمل بتوجيه





شهدت جلسة المناقشات المفتوحة التي أعقبت الجلسة الافتتاحية لندوة «آفاق العلاقات البحرينية ــ الايرانية» مناقشات ساخنة وجدلا حادا حول سياسات بريطانيا وأمريكا وايران بشأن الأزمة التي شهدتها البحرين منذ فبراير ٢٠١١م.

واتسمت آراء معظم المشاركين بالهجوم الحاد على السياسات الغربية وخاصة البريطانية والامريكية واتهامها بالنفاق وازدواجية المعايير، وأبدى الكثيرون شعورا بالمرارة والانتقاد تجاه التغطية الاعلامية المشوهة والمنحازة التي قامت بها شبكة الـ«بي بي سي» البريطانية في تغطية أحداث البحرين، وتحدثوا عن الاثر السلبي الذي تركته تغطية الـ«بي بي سي» على العلاقات البحرينية ــ البريطانية.

وقد حاول الدكتور جوناثان ايال مدير المعهد الملكي البريطاني للدراسات الدفاعية والأمنية الذي أدار النقاش التقليل من شأن الانتقادات الموجهة إلى هيئة الاذاعة البريطانية الـ«بي بي سي»، مشيرا إلى أنها تمارس تغطياتها الاعلامية باستقلالية عن السياسة الرسمية البريطانية في إطار ما يتمتع به الاعلام في بريطانيا من حريات واسعة.

لكن الأستاذ أنور عبدالرحمن رئيس التحرير طلب الكلمة ورد على المستر جوناثان ايال قائلا: أريد أن أصحح المعلومات بشأن مدى ارتباط هيئة الـ«بي بي سي» بالسياسة الخارجية البريطانية وخصوصا بدوائر الاستخبارات البريطانية، مؤكدا ان هذا الارتباط وثيق جدا، ويكفي أن نشير إلى ما ذكره السير سلوين لويد وزير خارجية بريطانيا في حقبة الخمسينيات (ابان العدوان الثلاثي على مصر ــ عبدالناصر عام ١٩٥٦م)، حيث قال: إنه بالاضافة إلى القوة العسكرية الكبيرة التي لدينا في مواجهة عبدالناصر، فإن لدينا سلاحا سريا خطيرا نستخدمه ضد مصر ــ عبدالناصر وهو الـ«بي بي سي».

وأضاف الاستاذ أنور عبدالرحمن قائلا: «إننا في الصحافة عندما ننشر تقارير كاذبة أو تحتوي معلومات غير صحيحة أو دقيقة عن قطاع المصارف في بريطانيا أو أوروبا فإن هذه المصارف يمكن ان ترفع علينا دعاوى قضائية».

ولكن السؤال الآن: ما هو الموقف بالنسبة إلى ما قامت به الـ«بي بي سي» منذ اندلاع الاحداث في البحرين من نشر الاكاذيب وتشويه الحقائق، والمعلومات المغلوطة بشأن البحرين على مدى أكثر من عام، ألا تستحق الـ«بي بي سي» تقديمها إلى المحاكمة بشأن أكاذيبها عن البحرين ؟!.

وأضاف قائلا: ينبغي التوقف عن خطاب الخداع والتضليل.. لقد حان الوقت لوضع نهاية لهذه السلسلة من الخداع والأكاذيب؟

وقد لاقت كلمة الأستاذ أنور عبدالرحمن استحسان الحاضرين حيث قوبلت بتصفيق حار.. لكن الدكتور جوناثان ايال اكتفى بالقول: ربما لم يكن المستر سلوين لويد يقصد تماما ما أشرت اليه بشأن الـ«بي بي سي».

ودعا المستر ايال الصحفيين في البحرين إلى فتح حوار مباشر مع الصحفيين في بريطانيا والغرب من أجل نقل الصورة الصحيحة عن البحرين اليهم وتصحيح المعلومات المغلوطة التي أدت بالصحافة والاعلام الغربي إلى تقديم تقارير مشوهة عن حقيقة الأحداث في البحرين.

العقلية الفارسية

والغزو والتوسع

وفي مداخلة أخرى للأستاذ أنور عبدالرحمن في الجلسة الثانية من الندوة.. حيث جرى نقاش حول السياسة الايرانية في المنطقة تحدث الاستاذ أنور قائلا:

أريد أن أشرح لكم أنه مع كل اسهاماتكم في هذا الموضوع فإنكم لم تتحدثوا مطلقا عن التركيبة الفكرية للعقل الفارسي منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا.

لأن إيران كدولة لها ماضٍ بعيد ومؤرخ، وبالتالي من الممكن أن نقوم بتشريح التاريخ الفارسي وما قاموا به في عالمنا البعيد والقريب.

أود أن أؤكد حقيقة النزعة التوسعية في التوجهات الفارسية والايرانية عبر التاريخ.

فمثلا في سنة ٥٧٠ قبل الميلاد نجد أن القائد الفارسي قمبيز قد قام بغزو مصر من دون أي سبب أو مبرر حتى انه لم يكن هناك عداء تاريخي بين مصر وبلاد فارس وانما فقط من أجل الاستيلاء على كنوز مصر.

وبعده مباشرة قام داريوش - وآنذاك لم يكن ملكا بل قائدا عسكريا عاما - بغزو اليونان واحتلالها أيضا من أجل نهب ثرواتها.

وحتى في عهد الدولة السلجوقية قبل نحو ألف عام قاموا بغزو واحتلال بلاد الشام بأكملها، وهنا نشير إلى حركة «حسن الصباح» الارهابية ومعروف عنها ان قواعدها كانت في بلاد الشام في عهد السلاجقة.

وقبل ٣٥٠ سنة قبل تاريخنا الراهن، نجد انه ايضا ومن دون اي مبرر أو سبب فإن نادر شاه قام بتجييش قواته لاحتلال الهند، وقام بالسلب والنهب من ثروات وكنوز ٩٥ مليون جنيه ذهب اي ما يعادل بحسب المؤرخين بأسعار اليوم ٩٥٠ مليار دولار، أي نحو تريليون دولار تقريبا.

والسؤال في ضوء كل ذلك، هل استفاد الشعب الفارسي من كل هذه الثروات وهي كما يرى المؤرخون تعادل بناء مدن بحجم باريس سبع مرات بسعر ذلك الزمن؟

وأيضا قبل ٢٠٠ سنة قام مؤسس الدولة القاجارية (محمد خان قاجار) بغزو واحتلال ارمينيا وجورجيا وقام بذات الفعل في نهب ثروات تلك البلاد وقتل سكانها وقام بأعمال ابادة فيها.

ومع ذلك لم يستفد الشعب الفارسي بأي شيء من هذه الثروات الطائلة التي تم نهبها عبر الغزوات المتكررة.

والآن في منطقتنا فإن التاريخ يعيد نفسه.

ان دول الخليج العربية بما تمتلكه من ثروات نفطية وبترودولارية أصبحت مطمعا كبيرا لايران، ولهذا لا نستبعد ان تكرر إيران (جمهورية الملالي) نفس تاريخ الغزو من أجل نهب الثروات في منطقة الخليج العربي.

والدليل على ذلك انهم عندما يتحدثون عن منطقة الخليج العربي يقولون: (على عرب الخليج ان يعترفوا بالسيادة الايرانية على منطقة الخليج).

اي ان الحقيقة الواضحة لنا هي انه ليس هناك اي دولة خليجية في مأمن من الاطماع التوسعية الايرانية، والدليل على ذلك ان إيران قد قامت منذ سنوات باحتلال جزر «مجنون» العراقية الغنية بالنفط.

مناقشات أخرى

من جانب آخر، تحدث النائب البرلماني الشيخ عادل المعاودة عن أهمية الدور الذي يلعبه السفراء في تقوية العلاقات بين الدول أو اضعافها وأهمية اختيار الشخص المناسب للمهمة المطلوبة، مشيدا بما لمسه المراقبون من دور فعال للسفير البريطاني الحالي ايان لينزي من رغبة صادقة في تعزيز العلاقات بين البحرين وبريطانيا وازالة اجواء التوتر بين البلدين في الفترة الاخيرة، على عكس سفراء دول أخرى (مشيرا من طرف خفي إلى الانتقادات الموجهة في الشارع البحريني إلى السفير الامريكي الحالي).

وانتقد الشيخ عادل المعاودة أيضا دور الـ «بي بي سي» في الاساءة إلى البحرين وما أسماه سياسة النفاق الغربي تجاه إيران وازدواجية المعايير وتوزيع الادوار في السياسات والمواقف الغربية.

وعلق السفير البريطاني قائلا انه منذ مجيئه إلى البحرين منذ ٦ شهور وهو يحاول اعادة مناخ الثقة في العلاقات البحرينية ــ البريطانية التي تقوم على الاحترام المتبادل. وعلق السفير البريطاني على الانتقادات الموجهة إلى السفير الامريكي في البحرين قائلا انه لا يعتقد ان الولايات المتحدة لا تريد للبحرين ان تنعم بالاستقرار والرخاء، وان السفير الامريكي يعمل في هذا الاتجاه. وانتقد فكرة الحديث عن مؤامرة أمريكية أو غربية ــ ايرانية ضد البحرين. وقال: اننا نريد مساعدة البحرين في إطار الرؤى والتفاهم المشترك فيما بيننا، فمعظم السفراء يعملون على تعزيز العلاقات بين البحرين وبلدانهم.

وتحدث د.محمد جابر الانصاري مستشار جلالة الملك للشئون الثقافية عن الاهمية المركزية للمصالح في علاقات الامم والشعوب وانها المحرك الاساسي للعلاقات بين الدول مستشهدا بمقولة رئيس الوزراء البريطاني الشهير وينستون تشرتشل: «انه في السياسة لا توجد عداوات دائمة وانما توجد مصالح دائمة».

وتساءل د.الانصاري عن أسباب مشاركة بريطانيا في غزو واحتلال العراق رغم ان لديها من المعلومات والخبرات التاريخية ما يؤهلها لقراءة المشهد في العراق ما بعد الغزو، قائلا: ألم تكن بريطانيا تدرك ان احتلال العراق سيؤدي في واقع الامر إلى فرض الهيمنة الايرانية على العراق؟

من جانبها أعربت الكاتبة الصحفية سوسن الشاعر عن دهشتها من تطابق مواقف كل من ايران و«حزب الله» في لبنان بزعامة حسن نصرالله، واحمد الجلبي في العراق مع مواقف كل من بريطانيا وامريكا في الهجوم على البحرين خلال ازمة ١٤ فبراير وما بعدها، متسائلة: ماذا يعني هذا؟

وناشدت السفير البريطاني الذي أبدى مواقف متفهمة لحقائق الوضع في البحرين ساعيا لاستعادة الثقة بين البحرين وبريطانيا ان يلعب دورا في حفز وحث السفير الامريكي في البحرين على اعادة النظر في توجهاته وتحركاته المثيرة للانتقادات ازاء الاوضاع في البحرين.

جدل حول «حماس»

من جانب آخر، ثار جدل كبير في جلسة النقاش حول الموقف الغربي من حركة حماس.

واتهم السفير د.محمد نعمان جلال (المستشار بالخارجية) المواقف الغربية من حركة «حماس» بازدواجية المعايير متسائلا عن أسباب رفض الغرب للحركة التي جاءت إلى السلطة عبر أساليب ديمقراطية وعبر الانتخاب الحر؟ وكيف يمكن ان نفهم ايمان الدول الغربية حقيقة بالديمقراطية في الوقت الذي ترسل فيه رسائل متناقضة بشأن مسألة الديمقراطية والدليل على ذلك رفضها التعامل مع حماس رغم انها حركة سياسية تم انتخابها عبر صناديق الاقتراع بارادة حرة.

إلا ان كلا من السفير البريطاني ايان لينزي ومدير المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والأمنية أعادا تأكيد مواقف الغرب من حركة حماس، معربين عن اعتقادهما بأن «حماس» في وضعها الراهن لا يمكن القبول بها من جانب الغرب، وليس معنى انتخابها مرة واحدة عبر صناديق الاقتراع أنها تملك شرعية نهائية في التمثيل الديمقراطي.

من جانبه أعرب الصحفي الايراني د.علي رضا نوري زادة المقيم في لندن ومدير مركز الدراسات الايرانية والعربية عن اعتقاده بأن مشكلة حماس نابعة من مواقفها وتصرفاتها، فقادتها يتخذون مواقف متناقضة.

ففي حين يجتمع الرئيس الفلسطيني أبومازن مع خالد مشعل لاتمام المصالحة الفلسطينية نجد ان اسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة في غزة يزور طهران ويصدر مواقف لا تشجع على المصالحة.

وفي تقدير د.علي نوري زادة ان حماس وقعت تحت تأثير الدعم والاموال الايرانية التي تقدم اليها والتي جعلتها غير جادة في اتمام المصالحة الفلسطينية وقد اشتكى أبومازن من ذلك عدة مرات، ففي كل مرة يقترب الفلسطينيون من المصالحة تقوم إيران بتقديم مئات الملايين من الاموال لحركة حماس لمنع اتمام المصالحة الفلسطينية لان مصالح إيران هي في استمرار الشقاق الفلسطيني لكي تظل إيران تلعب دورا مؤثرا في القضية الفلسطينية وتستخدمها ورقة لخدمة أهدافها في المنطقة العربية.

من جانب آخر، توقع د.علي نوري زادة تزايد أزمات النظام الايراني في الداخل وعودة الانتفاضة الشعبية الممثلة في الحركة الخضراء التي قادها مير موسوي إلى الحراك الشعبي من جديد لتفاقم أزمات نظام رجال الدين (الملالي) في إيران، معربا عن اعتقاده بأن الشعب الايراني يتطلع إلى لحظة سقوط النظام السياسي الحالي في ايران.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة