الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٩٨ - السبت ٣ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

بسبب إثارتها للفتن والانقسام

خطيب جامع الخير بقلالي يحذر من سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي





قال الشيخ صلاح الجــودر خطيب جتمع الخير بقلالي في خطبة الجمعة أمس: إن الصدق يهدي إلى البر، والكذب يهدي إلى الفجور، والكلمة بناء أو تدمير، والناس شركاءُ في الأجر حين الإحسان، وحمالو أوزار حين الإساءة، وإن من المؤسف والعصر عصر إعلام أن كثيرا من المتحاورين يطلقون الكلمة لا يُلقون لها بالاً، فترديهم في قعر جهنم سبعين خريفاً، كما صح عن نبيكم محمد (ص).

يشهد العالم اليوم تطوراً سريعاً في وسائل الاتصال والإعلام التي فرضت نفسها بقوة على كل القطاعات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وأصبحت مجالاً لا يمكن الاستغناء عنه، أو التغافل عن دوره وأهميته في صنع القرار، بل وصنع الحدث ذاته، فهي اليوم تشكل وعي وثقافة أي مجتمع.

من وسائل الاتصال والإعلام الحديثة التي اخترقت البيوت والمدارس والأعمال والأندية والأسواق بسرعتها المذهلة، هي مراكز التواصل الاجتماعي، ففي الوقت الذي ضعفت فيه العلاقات الاجتماعية بين الناس بسبب ظروف الحياة، والسعي لطلب الرزق، نجد أن مراكز التواصل الاجتماعي فتحت آفاقاً كبيرة للتواصل بين شعوب العالم.

مع أن مراكز التواصل الاجتماعي عززت آفاق التواصل بين بني البشر فإنها فتحت أبواب الصراع والصدام بينهم، وتحولت من مراكز للتواصل إلى ساحات للصراع، فقد تحول البعض منها إلى مراكز لنشر الفتن والمحن، ومكان لنشوب الحروب والصراعات، ومعاقل لإفساد العقول والقلوب، وساحات لتأجج الشهوات والشبهات، حتى أصبح الفرد حائراً في كيفية مجابهتها، والتصدي لسمومها وأدوائها، فهي اليوم مفتوحة على مصراعيها، لذا يدور تساؤل كبير: عن كيفية تصحيح مسارها وتحويلها من مراكز للتدمير إلى مراكز للبناء والتعمير!

إن جيل اليوم من الشباب والناشئة قد استبدل الوسائل التقليدية في التواصل بالأجهزة الحديثة، يمضون الأوقات الطويلة مع هذه الأجهزة، لا تفارقهم ليلاً ولا نهاراً، حتى تم احتواؤهم والسيطرة على عقولهم من خلالها، فقد بلغ عدد المشتركين على صفحات الفيسبوك ٥٠٠ مليون شخص، منهم ١٥٠ مليون شخص يستخدم الموقع بهواتفهم المحمولة، أما المسجلون على التويتر فقد بلغ ١٦٥ مليون شخص.

التواصل الاجتماعي لا ينحصر بين أبناء الوطن الواحد، فهو اليوم قناة مفتوحة بين شعوب العالم وثقافات الأمم، فالتزاحم الشديد الذي تشهده صفحات مراكز التواصل الاجتماعي تدفع بكل قوة نحو هوية جديدة، فقد تحولت الكثير من تلك المراكز إلى بؤر للجماعات العنفية والمتطرفة، وأصبحت ساحات للخلايا السرية، في عالم افتراضي أثبتت سهولة تحوله إلى أرض الواقع، فتلك المراكز لعبت دوراً مهما في تشكيل الرأي العام، وتحريك الشعوب وصنع الحدث، وهذا دلالة واضحة على أن الذي يجري اليوم هو شيء يختلف تماماً عما هو مألوف عند الناس.

لقد باتت المراكز الاجتماعية اليوم بمثابة سلاح ذي حدين، يستخدمه الناس لأغراض عدة، والمؤسف له أنها في المنطقة العربية قد تم استخدامها لتمرير الفوضى الخلاقة لتدمير الشعوب والمجتمعات، لذا هي اليوم أبشع المراكز التي يتم من خلالها نثر السموم والأدواء، في الوقت الذي لا يلقى فيه لهذه المراكز بالاً، فجيل اليوم يتحدث بلغة تختلف عما هو سائد، لذا من الواجب استيعاب تلك الوسائل والمراكز، والتعامل معها بعقلية تختلف عما هو موجود، فجيل اليوم أمام مفترق تاريخي فإما إشراكه في صنع القرار وإما أن نتركه مع العدو والشيطان.

اليوم ونحن أمام هذه الثورة العلمية الكبيرة، مراكز التواصل الاجتماعي، فإن المسؤولية تحتم على الجميع الاهتمام بالناشئة وتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق لديهم، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا)، وجاء عن رسول الله (ص): (كلكم راع، وكل مسؤول عن رعيته).

عباد الله، إن التنبيه اليوم من خطورة مراكز التواصل الاجتماعي لا يعني كبت الحريات، ولا تقييد الكلمة، ولكن يجب أن تكون هناك ضوابط، إذ لا يمكن السماح بالتطاول على الآخرين والتحريض على الصدام، ونشر سموم الطائفية بدعوى حرية الكلمة، فلكل شيء حدود، وحرية الفرد تقف عند حرية الآخرين، من هنا فإن المسؤولية تحتم رفع مستوى الوعي لخطورة هذه المراكز إن لم يحسن استخدامها.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة