الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٩٨ - السبت ٣ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود:

العمل الجماعي بروح الفريق وترك الأنانية على رأس طرق تزكية النفس





في خطبته ليوم الجمعة أمس تحدث فضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود حول طرق تزكية النفس وآثارها على المستوى الفردي والجماعي.. قال فضيلته: طرق تزكية النفس وآثارها على المستوى الفردي والجماعي من أهم ما أمر الله تعالى به المسلمين تزكية النفس.

معنى تزكية النفس: تزكية النفس تعني تطهيرها من العيوب وسوء الأخلاق ومن كل ما يضر بصاحبها، وتعويدها على كل ما ينفعها في الدنيا والآخرة. لأن منافع تزكية النفس تعود على الإنسان في الدنيا والآخرة.

ما يحقق زكاة النفس وما يحقق شقاءها.

وبالنسبة إلى المسلم تكون تزكية النفس بطاعة الله وصالح الأعمال وحسن الخلق، كما أن شقاءها يكون بضد ذلك أي بمعصية الله وسوء الأعمال وسوء الخلق.

أهمية تزكية النفس في حياة المسلم:

ولتأكيد أهمية تزكية النفس أقسم الله تعالى بأحد عشر من مخلوقاته على فلاح من زكى نفسه وأصلحها، وعلى خسارة من لم يزكها وأشقاها، فقال سبحانه وتعالى: «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا. وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا. وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا. وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا. وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا. وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا. وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا».

(سورة الشمس).

مظاهر تزكية النفس وشقائها:

وتظهر زكاة النفس أو شقاؤها في علاقة الإنسان بنفسه وبربه وبالخلق أجمعين من الأقربين وغيرهم من بني البشر، بل وحتى مع سائر الأحياء من خلق الله تعالى.

أفضل طرق اكتساب تزكية النفس:

وتزكية النفس تكون بالهداية الربانية وهي الفطرة، وبالتعلم والتدريب. وأفضل طريق للتزكية عند علماء النفس هو أن يهتم الإنسان بعيوب نفسه ويعمل على التخلص منها، وقد بينوا أن الوصول إلى ذلك يكون بأربعة طرق:

الطريق الأول: أن يلازم معلما يعرف خفايا النفس وعيوبها ويعرف كيفية علاجها فيدربّه على مجاهدة نفسه للتخلص من الأخطاء والعيوب التي فيها.

الطريق الثاني: أن يطلب من صديق صدوق متدين ملاحظة أحواله وأفعاله لينبهه على ما يبدو منه من عيوب فيعمل على التخلص منها، ولذلك يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: رحم الله إمرئ أهدى إلى عيوبي)، فاعتبر الدلالة على العيب هدية قيمة يشكر صاحبها عليها.

الطريق الثالث: أن يعرف الإنسان عيوب نفسه من ألسنة أعدائه، فإن عين السخط تبدي المساوئ.

الطريق الرابع: أن ينظر في أخلاق الناس فما وجد فيهم من عيوب في أقوالهم وأفعالهم يعمل على أن يبتعد عنها.

ولقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا).

آثار تزكية النفس وسوءها:

ومن آثار تزكية النفس على الإنسان في الدنيا اكتساب محبة الناس وتآلفهم معه واكتساب احترامهم والثقة في التعامل معه وقلة الخلاف والنزاع بينه وبين غيره.

أما آثار شقاء النفس على الإنسان في الدنيا فتكون في عدم احترامه والحذر منه وبغضه وفقدان الثقة فيه وكثرة الخلافات والنزاعات بينه وبين غيره.

أما آثار تزكية النفس على الإنسان في الآخرة فهو الفلاح في الآخرة «قد أفلح من زكاها. وقد خاب من دساها». وقد أرشدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى أهمية حسن الخلق في تزكية النفس بقوله: (مَا شَىْءٌ أَثْقَلُ في مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ).

تزكية النفس على المستوى الجماعي:

وتزكية النفس وخسارتها كما تكون في التصرفات الفردية فإنها تكون في تصرفات الجماعات أيضا، فترى على سبيل المثال عادات محمودة في أقوام أو جماعات كالأمانة والصدق والثقة المتبادلة وتجد ضدها في أقوام آخرين، وذلك بسبب انتشار تلك الصفة المحمودة أو المذمومة في هؤلاء أو أولئك.

آثار تزكية النفس وعدمها على المستوى الجماعي:

ولتزكية النفوس على المستوى الجماعي آثار حسنة، منها اجتماع كلمتهم وقوتهم وقلة الخلافات بينهم، وخوف العدو منهم.

كما أن لعدم تزكية النفوس على المستوى الجماعي آثار سيئة، منها شيوع التباغض فيما بينهم وفقدان الثقة بين الأفراد وكثرة الخلافات وكثرة القضايا في المحاكم وضعفهم وتفككهم.

الحاجة إلى تزكية النفس على المستوى الجماعي:

إن أفضل ما يحتاج إليه الناس إذا وقعوا في الفتن والمصائب وتكالب الأعداء عليهم أن يروا ما بأنفسهم من عيوب فيعملوا على التخلص منها لتعود إليهم قوتهم ووحدتهم، وكل ينظر إلى نفسه قبل أن ينظر إلى عيوب غيره.

طرق تزكية النفس على المستوى الجماعي:

ومن طرق تزكية النفس على المستوى الجماعي:

١- العمل الجماعي بروح الفريق الواحد وترك الأنانية الفردية.

٢- تشجيع الناس بعضهم لبعض فيما يحرزونه من نجاحات.

٣- الاجتماع على القيادات، ففي البيت الأب، وفي العمل المدير أو الرئيس، وفي الجماعة القائد، وفي الدولة الحاكم، وقد أرشدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى أهمية الاجتماع على القيادة حتى في الجماعة غير الدائمة فقال: (إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ) أبوداود وغيره

٤ ؟ معرفة أماكن الضعف لعلاجها وأماكن القوة للتمسك بها.

٥- إسناد الأمر إلى أهله في كل اختصاص، فالله تعالى يقول: «اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، فكل مختص في مجال اختصاصه هو من أهل العلم في ذلك المجال.

٦- الاهتمام بالمتميزين من أهل البلاد ومعاونتهم على التقدم.

مثال لتزكية النفس على المستوى الجماعي لإعانة الحاكم على الخير العام:

عندما تولى عمر بن عبدالعزيز الخلافة قال في أول خطبة خطبها: «يا أيها الناس من صحبنا فليصحبنا بخمس وإلا فلا يقربنا، يرفع إلينا حاجة من لا يستطيع رفعها، ويعيننا على الخير، ويدلنا من الخير على ما لا نهتدي إليه، ولا يغتابن عندنا الرعية، ولا يعترض فيما لا يعنيه.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة