الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٤٣ - الثلاثاء ١٧ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٢٥ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

شرق و غرب


معركة اللحى في الانتخابات المصرية





لقد هيمن الإسلاميون على سباق الانتخابات الرئاسية المصرية التي سجلت بداية ساخنة. قليلون هم المصريون الذين كانوا يتصورون أنهم سيطيحون بحسني مبارك ليستبدلوا بعد ذلك داعية سلفيا به، فقد اكتظت الشوارع بحشود المصريين الذين يهتفون باسم حازم أبوإسماعيل المحامي والواعظ الديني الذي يدعو إلى العودة بمصر إلى مبادئ الشريعة الإسلامية التي كانت قائمة في القرن السابع الميلادي أي عندما انبلج فجر الاسلام.

كان حازم أبوإسماعيل يجول الشوارع ويحيي معجبيه ويرد على تحيات معجبيه كأنه نجم موسيقى البوب. ترتفع صوره في كل ركن بابتسامته العريضة ولحيته الكثيفة. في مدينة المنصورة التي تطل على دلتا النيل تمتلئ الشوارع بالنسوة المصريات اللاتي يرتدين النقاب وهو اللباس المفضل للسلفيين. في تلك المدينة كانت ترى المنقبات يمتطين دراجات نارية وهن يلوحن بصور المرشح السلفي حازم أبوإسماعيل.

لقد قدم مئات المصريين أوراق ترشحهم إلى الانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها يوم ٢٣ مايو ٢٠١٢ غير أن أغلبهم انسحب بعد ذلك. ومن بين المترشحين الستة الذين يمتلكون حظوظا للمنافسة في الانتخابات الرئاسية القادمة نجد أن الكثير منهم من الاسلاميين من أمثال حازم أبوإسماعيل غير أنه لا أحد يضاهيه في راديكاليته أو شخصيته الكاريزمية.

يتبنى حازم أبوإسماعيل النهج الذي يقوم على المزج ما بين التعاليم الاسلامية والوطنية المصرية وهو يعد بالعمل على تحرير مصر من التبعية لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والغرب.

يتبنى حازم أبوإسماعيل أجندة داخلية أرعبت الصناعة السياحية التي توفر نسبة مهمة من إيرادات مصر من العملة الصعبة، فهو يتعهد بوقف كل نشاط الراقصات ومنعهن من مزاولة مهنتهن. وبالمقابل فإنه يقول إنه يمكن للسياح الأجانب أن يشربوا الخمور ويلبسوا البكيني بشرط عدم الاختلاط بالمصريين. يقول حازم أبوإسماعيل إنه سيخفض السن القانونية للزواج إلى سن البلوغ.

لقد ظل الدبلوماسيون الغربيون يتوقعون أن تبقى حركة الإخوان المسلمين ـ كبرى الحركات الاسلامية في مصر ـ بمنأى عن سباق الانتخابات الرئاسية وتمهد السبيل بذلك أمام انتخاب رئيس علماني يقود البلاد في المرحلة القادمة.

أما الآن فإن الكثيرين يعتبرون أن جماعة الاخوان المسلمين هي الوحيدة القادرة على وقف زحف السلفي حازم أبواسماعيل إلى سدة الرئاسة في القاهرة. لقد تنفس البعض الصعداء عندما قرر خيرت الشاطر- المليوني البالغ ٦٢ سنة والقيادي البارز في حركة الاخوان المسلمين ـ التراجع عن الوعد الذي قطعه عن نفسه ليترشح رسميا للانتخابات الرئاسية القادمة.

على الورق، يتوقع أن يبلي خيرت الشاطر بلاء حسنا في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في شهر مايو ٢٠١٢، فقد حصل الإخوان المسلمون على قرابة ٤٧% من المقاعد في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مصر مؤخرا وهو ما يمثل تقريبا ضعف ما حصل عليه السلفيون الذين فاجأوا الجميع بنتائجهم. غير أن إعلان الترشح عده البعض من قبيل المجازفة السياسية فيما راحت أطراف كثيرة أخرى تعبر عن تخوفها من احتمال نجاح جماعة الإخوان المسلمين في السيطرة على مؤسسة الرئاسة بعد أن بسطت سيطرتها على البرلمان المصري. لعل هذه المخاوف تخدم مصلحة المرشحين المنافسين، على غرار الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي عمل وزيرا للخارجية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، والذي تقدم منافسيه في وقت سابق في استطلاعات الرأي، إضافة إلى عبدالمنعم أبوالفتوح، القيادي السابق في الإخوان المسلمين الذي أقصته الحركة بدعوى أنه رشح نفسه من دون الرجوع إلى قيادة الاخوان.

رغم أن فوز خيرت الشاطر قد يضع عبئا كبيرا عليه وعلى الحركة التي ينتمي إليها وتحملها مسؤولية ثقيلة لقيادة مصر التي باتت تعاني مشاكل كبيرة وحالة احتقان اجتماعية حادة فإن هزيمتها في الانتخابات قد تنسف أسطورة قوة حركة الاخوان المسلمين وتبدد تلك الفكرة التي يقول أصحابها إن هذه الحركة لا تهزم.

يقول الإخوان المسلمون إن ترشح خيرت الشاطئ لخوض غمار الانتخابات الرئاسية القادمة يعكس مدى تنامي مشاعر إحباط الشعب المصري من حكم العسكر. رغم أنه يفترض أن ينسحب الجنرالات من الساحة السياسية عقب الانتخابات الرئاسية فإن المجلس العسكري رفض الطلب الذي تقدم به البرلمان الذي يسيطر عليه الإخوان والسلفيون لإقالة الحكومة الحالية المؤقتة التي يرأسها الدكتور كمال الجنزوري، الذي سبق له رئاسة الحكومة المصرية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة