هل تنتقل شرارة الاضطرابات من سوريا إلى لبنان؟
 تاريخ النشر : الجمعة ٢٠ أبريل ٢٠١٢
بيروت - من: أورينت برس
تتفاعل الأزمة السورية في الداخل اللبناني مع ازدياد حدة الانقسام ما بين مؤيد لنظام الرئيس السوري بشار الأسد ومعارض له، مما يرفع منسوب التخوف من احتمال اشتعال الوضع في لبنان الذي يتشارك حدوداً برية طويلة مع سوريا في شماله وبقاعه.
بالنظر إلى الواقع الحدودي مع سوريا، فحتى اليوم لم تخرج الأمور هناك عن السقف المتوقع للتوتر. سجل تدفق كثيف للاجئين السوريين عبر المعابر الحدودية والممرات غير الشرعية حيث يتعاطف معهم مواطنون لبنانيون ويؤمنون لهم المساعدة والمسكن. بينما الثوار السوريون الذين لجأوا إلى المناطق اللبنانية، ولاسيما في منطقة وادي خالد، يشكلون محميات خاصة بهم في ظل اتهامات دائمة يوجهها لهم حلفاء سوريا في لبنان.
لا شك ان عوامل كثيرة تربط لبنان بسوريا منها على سبيل المثال الترابط السياسي والاجتماعي والعائلي والمذهبي قائم بين سوريا ولبنان،فلبنان لا يقيم اي تماس مع اي من دول الربيع العربي الا سوريا. والحدود بين البلدين ليست مرسمة وواضحة ومحددة بدقة.
«أورينت برس» أعدت التقرير التالي:
بحكم الترابط الجغرافي والاجتماعي بين لبنان وسوريا، من الطبيعي ان يتأثر لبنان بالتطورات السورية الساخنة، مع فرار معارضين سوريين إلى داخل الأراضي اللبنانية، ولجوء عائلات كثيرة ارتأت ان تهرب من نيران المدافع إلى منازل صديقة في لبنان. إلا ان هذا الواقع لم يصل حتى اليوم إلى حد التصادم بين فئات لبنانية على خلفية الملف السوري، رغم كل ما يحكى عن احتمال انتقال شرارة الصدامات من سوريا إلى الافرقاء اللبنانيين المتنازعين المنقسمين بين فريقي ٨ و١٤ مارس، أو من عبور شرارة الفتنة السورية إلى لبنان وتحولها إلى مواجهة ذات طابع مذهبي وخصوصا ان لبنان ارض خصبة لأي حرب طائفية وهو الذي عانى حربا اهلية امتدت ١٥ عاما.
الابتعاد عن المأزق
وفي تقدير بعض الأوساط ان ما يبعد لبنان عن المأزق هو اقتناع القوى اللبنانية كافة بأن الصدام سيؤدي في حال حصوله إلى دمار شامل لا يستفيد منه أحد، فـ«حزب الله» الذي يمتلك القوة العسكرية يحرص اليوم على عدم الوقوع في المطبات ذات الطابع الداخلي بعد التجربة التي خاضها في هذا الإطار في ٧ مايو ٢٠٠٨ والتي كبدته انتقادات جمة وتركت الكثير من الآثار السلبية على رصيده الشعبي. كذلك فإن وضع حليفته إيران ليس بالجيد دوليا في ظل ارتفاع منسوب الانتقادات لبرنامجها النووي وتقييدها بمزيد من العقوبات. أما الافرقاء الآخرون فهم يرفضون الانجرار إلى معارك الغير ولاسيما ان الغرب قد التزم الحياد وقرر عدم التدخل في الملف السوري. ورغم الاتهامات التي وجهت إلى تيار المستقبل بتأمين السلاح للثوار السوريين ولجنود من الجيش السوري الحر المنشق، فان التيار رفض هذه الاتهامات جملة وتفصيلا ونأى بنفسه عن الثوار السوريين.
الى ذلك، ينشغل السياسيون اللبنانيون في جملة ملفات داخلية تستهلك وقتهم وجهدهم، ليس اقلها الاتفاق على قانون جديد للانتخابات، ومقاربة الملفات الاجتماعية والاقتصادية المستفحلة. وهناك من يرى ان لبنان الذي عاش اعواما طويلة من الاقتتال الداخلي، وحروب الآخرين على ارضه، قد اصبحت لديه المناعة الكافية لعدم الدخول في حالة من عدم الاستقرار الأمني، على الرغم من القلاقل التي يشهدها العديد من دول المنطقة منذ اكثر من عام.
مع ذلك، هناك فريق يعتبر «ان الهواجس التي تظهر في هذا المجال لم تعد خافية، ولعل أبرز الأبواب التي تهدد بنقل الشرارة السورية إلى لبنان هو ما يجري في الفترة الأخيرة في الشمال والبقاع. فعلى الحدود، تقوم القوات النظامية السورية بملاحقة مطلوبين سوريين في الأراضي اللبنانية، ويساعد غموض الترسيم بين البلدين على تعزيز هذه الأزمة. فيما يتضامن سكان لبنانيون على الحدود مع المعارضة ويحاولون استقبال العائلات والعمال ومساعدتهم قدر الامكان، لكن الاعداد المتزايدة للاجئين تجعل من الصعب مساعدتهم».
وقائع ميدانية
وبعيدا عن عدد النازحين الذين تتفاوت التقديرات حولهم بين الجهات الرسمية اللبنانية والجمعيات والمؤسسات العاملة في مجال الإغاثة، فإن الوقائع الميدانية على الأرض توحي بوجود أزمة حقيقية بدأت بوادرها تلوح في الأفق على الصعد كلها، وخصوصا بالنسبة إلى العائلات النازحة التي مضى على وجودها في لبنان أشهر عدة، ويتنقلون خلال الفترة الحالية من مكان إلى آخر، وهم اليوم يعانون الأمرين في تأمين بدلات إيجارات المنازل التي يقطنون بها وبقية المصاريف اليومية. وخصوصا مع تصاعد المزاحمة على فرص العمل المختلفة، من قبل العديد من النازحين ممن تقطعت بهم السبل في تأمين مقومات العيش بحيث انخفضت اجرة اليد العاملة السورية في لبنان إلى حد كبير بسبب ارتفاع عدد الباحثين عن عمل.
اما بالنسبة للتبادل التجاري على الحدود بين لبنان وسوريا فقد انخفض إلى حد لم يصله من قبل قط، ويقدر خبراء الاقتصاد اللبنانيون، أن تكون حركة التنقل عبر الحدود بين الدولتين قد تراجعت بنسبة ٧٥ في المائة تقريبا منذ بدء الاحتجاجات، ويعتمد لبنان على سوريا في تجارته مع معظم دول الشرق الاوسط، حيث تمثل حركة المرور البرية عبر الأراضي السورية ٦٠ في المائة من حجم التجارة اللبنانية. ورغم انهيار الحركة الشرعية لمرور البضائع بين البلدين، مازال المهربون يستفيدون من الخط الحدودي، الذي له سمعة سيئة في سهولة الاختراق، من أجل نقل الإمدادات والأسلحة إلى سوريا، بينما يمر اللاجئون والجرحى من المقاتلين في الاتجاه المعاكس، وقد ظلت الطرق مفتوحة نسبيا طوال فترة الاحداث الدامية في سوريا، ولكن في الأسابيع الأخيرة، قام الجيش السوري بإحكام السيطرة عليها.
النأي بالنفس
يذكر انه منذ اندلاع الازمة في سوريا، رفعت الحكومة في لبنان شعار النأي بالنفس، وكان هذا موقف رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال سليمان ونجيب ميقاتي، إلا أن هذا الموقف تطور مع تطور الأحداث الداخلية في سوريا نحو مزيد من الإيجابية الحكومية حيال الشعب السوري، ففي بداية الثورة كانت الحكومة تتوجس من ملف النازحين السوريين إلى لبنان، وتخشى تقديم أي مساعدة لهم، ثم بعد تطور المشهد في سوريا باتجاه اطالة امد الازمة، وصمود الشعب السوري راحت الحكومة اللبنانية تبدو أكثر إيجابية حيال الشعب السوري، بل حيال الثورة السورية، وقد تجلى ذلك بزيادة الاهتمام باللاجئين السوريين من خلال التأمينات الاجتماعية، ومن خلال عدم التضييق عليهم، ولاسيما على الناشطين منهم، كما حصل في المرحلة الأولى من عمر الثورة عندما لجأ بعض الأطراف لاختطاف بعض الناشطين السوريين من دون أن يعرف مصيرهم حتى الآن. كما أن الحكومة رفضت تسليم بعض اللاجئين السوريين ممن لجأ إلى لبنان بعدما اتهموا بانتمائهم إلى «الجيش السوري الحر».
وقد آثرت الحكومة اتخاذ موقف النأي بالنفس عن التدخل في الشأن السوري، بمعنى اتخاذ موقف شبه حيادي من هذه القضية، وقد تمثل هذا أحيانا بالوقوف إلى جانب النظام السوري كما حدث خلال رفضها المشاركة في مؤتمر اصدقاء سوريا في تونس، وأحيانا أخرى بالامتناع عن اتخاذ موقف سلبي أو إيجابي من الموضوع السوري، وقد أزعج هذا الموقف النظام السوري في أكثر من مناسبة، ونقل هذا الإزعاج السفير السوري في لبنان، علي عبدالكريم علي، إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حاملا عتبا شديدا على الحكومة اللبنانية، وخاصة فيما يتصل بما يعتبره تهريبا للسلاح من الأراضي اللبنانية من شمال لبنان والبقاع باتجاه الداخل السوري، وقد رفض الرئيس ميقاتي هذا العتب، واعتبر أن الحكومة اللبنانية تقوم بما يجب أن تقوم به لمنع التهريب، ولحفظ الحدود مع سوريا.
.
مقالات أخرى...
- مفكرون وحقوقيون يؤكدون: الثورة المصرية تسير بخطى بطيئة ولكنها نحو النجاح - (20 أبريل 2012)
- غرائب ما يحدث في لبنان.. احتفاء بعميد عميل لإسرائيل! - (19 أبريل 2012)
- مخاوف إسرائيلية من تحول سيناء إلى قنبلة موقوتة دعوات إسرائيلية للتوغل في سيناء واحتلالها - (18 أبريل 2012)
- بعد إعلان برقة إقليما فيدراليا مستقلا تحذيرات من تداعيات تقسيم ليبيا على الأمن القومي المصري - (18 أبريل 2012)
- خبراء يؤكدون: أعضاء البرلمان المصري يفتقدون الخبرة السياسية - (16 أبريل 2012)
- محللون إسرائيليون يدعون إلى التريث قبل توجيه أي ضربة عسكرية إلى إيران - (15 أبريل 2012)
- الانتخابات الرئاسية المصرية وأبرز المرشحين في دائرة الجدلانتقادات للإخوان المسلمين بسبب قرارهم بالترشح لانتخابات الرئاسة - (13 أبريل 2012)
- مخاض الإسلاميين الجزائريين ينتظر الانتخابات التشريعية - (12 أبريل 2012)
- أسراب الطائرات المقاتلة بلا طيار ستغزو سماءنا تطوير أجيال جديدة من طائرات حربية مقاتلة بلا طيار - (12 أبريل 2012)