الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٨٣ - الأحد ٢٧ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ٦ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

خلال جولة تفقدية في إحدى مزارع بوري

غرفة التجارة ورجال أعمال يسجلون شهاداتهم على احتضار الزراعة





في درجة حرارة تتجاوز ٥٠ درجة مئوية الساعة التاسعة صباحا وعلى مدى ساعتين التقى وفد من غرفة تجارة وصناعة البحرين (لجنة الأغذية) بالإضافة إلى أعضاء من العلاقات العامة بالغرفة يرافقهم رجال وسيدات أعمال بنائب رئيس جمعية المزارعين (يوسف احمد) في مزرعته المستأجرة من أحد رجال الأعمال والواقعة شمال بوري.

وكان هدف اللقاء هو الحديث عن الصعوبات والمشاكل التي تواجه المزارعين في البحرين وإماطة اللثام عنها مشكلة في أوج قطع المياه المعالجة عن هذه المزارع، وعليه ستموت الأشجار المثمرة الموجودة في البيوت المحمية أمام أعين صاحبها.. فكم من الهم يظهر على حركاته، وكم من الحزن يسيطر على حديثه؟

وقد حرصت «أخبار الخليج» على الحضور لتنقل الى القراء الواقع الذي شاهدناه، وما سمعنا من شكاوى ومآسي وحوارات وردود شارك فيها كل من إبراهيم الدعيسي وصلاح التتان وعبدالله باقر ويوسف أحمد وأحلام جناحي وسهير بوخماس وبجوان أزابوتا، والحقيقة التي يجب ألا ننساها هي تقدير لمن نظم هذه الزيارة ولمن شارك فيها، لكونها محاولة أولى للجنة الأغذية بالغرفة تولج نفسها في معرفة واقع حال المزارع البحريني.

الحرارة عالية

وكونها من جهة أخرى، تتم في قمة ارتفاع درجة الحرارة (حوالي ٥٠ درجة مئوية) إلى مزارع شمال بوري.. كانت الحاجة الى شرب الماء كبيرة لكون المشوار بأكمله تحت الشمس، فالحرارة تلفح الوجه، وتشعله، والعرق يتصبب من أعضاء الوفد فردا فردا، فما بالكم بالجنس الناعم الذي حضر مع الوفد، وتم نصحهن (مقدرين لهن الحضور) بعدم أكمال الزيارة خوفا عليهن من ارتفاع حاد في حرارة الجو.. والحقيقة الأخرى ان صاحب المزرعة، كان مضيافا متحليا بروح الضيافة العربية لما وفره من وجبات خفيفة وماء وشاي وعصائر.

وتبين ان جميع أعضاء الوفد على اختلاف طبائعهم وشمائلهم قد ابدوا استغرابهم، وهم يرون تجربة حية تحتضر أمامهم، فرأيناهم وجلين مرة، ومتفائلين مرة أخرى، وهم يشاهدون أرض زراعية فيها ٤٨ بيتا (محمية زراعية) بمختلف أنواع المأكولات مثل الطماطم والخيار والبطيخ والفلفل بالإضافة إلى زراعة البقل والشوندر والفجل والتابل والبقدونس، والحلبة والملفوف والبطاطس والجت (البرسيم) وحشيش البهائم وغيرها خارج البيوت المحمية أي على الطريقة التقليدية التي عرفها البحرينيون عن آبائهم وأجدادهم، مشاهد من البيوت المحمية مات بعضها، وبعضه الآخر في طريقه إلى الموت، والبعض الآخر ما زال محتفظا بحياته، والسبب هو الحصول على الماء وعدمه.

البحرين الخضراء

ومن خلال الحوار بين المشاركين في الوفد حينما جلسوا لتبادل الرأي حول الوضع الزراعي لمثل هذه المزرعة، تبين استغرابهم من انه على الرغم من نجاح هذه التجربة الفريدة من نوعها في البحرين وأن المرء حينما يمشي بين هذه المنتجات الحلوة والجميلة، تأخذه الذكرى الى ماضي البحرين الخضراء حين كانت الزراعة تحف بها أينما تولي شطر وجهك، ترى أشجار خضراء من النخل والكنار واللوز والرمان والبمبر والتين والأثل وغيرها بينما يرى حاليا أمامه أشجار خضراء وأخرى يابسة.. الخضراء (التي يصل إليها الماء) واليابسة التي (منع عنها الماء) على مساحة تقارب ٢ مليون قدم مربع.

وعبروا عن المشهد في تلك اللحظة الرائعة، بالقول: كلما نظرنا الى هذا الامتداد الشاسع الجميل في مزرعة يمكن اعتبارها (نموذجية) تجد على النقيض منها (المحبط)، قاصدين بذلك أنهم وجدوا محاولات لقتل هذه المنتجات وإبادتها على ارض الواقع من خلال قطع المياه المعالجة عن هذه المزرعة لتجف هذه المنتجات الغذائية واحدة تلو الأخرى في مشهد تجد فيه الأشجار تموت واقفة، وهي محملة بثمار تغيرت ألوانها وقل حجمها عن الحجم الطبيعي فيما جفت الأرض ويبست الأشجار، وقس على ذلك مزارع أخرى على نفس المنوال في المنطقة الشمالية والغربية والبسيتين وعراد.

حوالي ٥٠٠ مزارع

وقد أفاد المزارع حسن عبدالله بأن عدد المزارعين البحرينيين العاملين في القطاع الزراعي يتراوح مابين ٤٠٠ إلى ٥٠٠ مزارع، وقد تضرر منهم عدد كبير، ووزارة البلديات والزراعة مغمضة عينها عن مأساتهم ومشاكلهم ومعاناتهم رغم اللقاءات المتكررة ليس مع الوزير الحالي فقط بل منذ أيام علي صالح الصالح حينما كان وزيرا للبلديات والزراعة.

وفي سؤال طرحه الوفد، وهو يحاول إٍعادة رسم أفكاره للخروج بنتيجة مفيدة، والوصول إلى قناعة جماعية: لماذا يحدث ذلك للمزارع البحريني، والبلد بحاجة إلى المنتجات التي تأتيها من الخارج، فلطالما يمكن زراعتها، ولماذا لا تشجع الجهات المعنية هذه التجارب، وتشجع المزارعين، وتعمل على حل مشاكلهم؟

حماية النخل

فأجاب بوضوح وحسبما ذكر (بشفافية) أنه في البحرين لا يوجد قانون يحمي الزراعة والمزارعين أو يحميهم، ماعدا قانون (حماية النخل) الذي ينص على عدم اقتطاع النخل، أو إيقاف نموه، وعلى الرغم من وجوده، فهو لا يطبق لصالح الزراعة والعاملين فيها، وأوضح مشاركون في هذا الشأن، أن المشكلة في القطاع الزراعي والتدهور الذي وصل إليه سواء من عدم اهتمام رسمي أو من عدم اهتمام من قبل نواب المجلس النيابي أو غيرهم من الجهات ذات الصلة بالموضوع يعود في الأصل الى عدم وجود قوانين تحمي الزراعة والمزارعين، منوهين بأن المزارعين في البحرين، أصبحوا أضعف الحلقات في المجتمع مكانة ومادة، ومن جهة أخرى، فان سياسة تدمير الأراضي الزراعية واضمحلالها لا يخرج عن إطار ما حصل للشواطئ من تدهور واضمحلال، وتحويل هذه الأراضي إلى أراض للبيع وللسكن أو الاستثمار التجاري والصناعي الذي يجتاح البلاد منذ أكثر من ٤٠ سنة.

المطالب والحلول

وخلاصة لحوار طويل دار في جولة دامت ساعتين في أوج حرارة مرتفعة، نوجز أهم الأفكار والمطالب والحلول فيما يلي، أولا: العمل على إصدار قوانين تحمي القطاع الزراعي والعاملين فيه.. ثانيا: طرح قضية المزارعين ومعاناتهم من قلة الأسمدة والبذور والآليات الزراعية في الاجتماع القادم للغرفة، ونقل هذه المشاكل إلى وزارة البلديات والزراعة.. ثالثا: بوري هي من أفضل المناطق الزراعية في البحرين، وتطويرها والحفاظ عليها، يحتاج إلى مزيد من الرعاية والاهتمام من قبل الجهات المعنية بالشأن الزراعي.. رابعا: ان يقوم قسم (الأغذية بالغرفة) بمحاولات لعقد لقاءات بين المزارعين والتجار البحرينيين ومجمعات اللولو وجيان وهايبر ماركت وغيرها لشراء مباشر من المزارعين البحرينيين.

خامسا: مطالبة المسئولين بالسوق المركزي بإعطاء المزارع البحريني مساحة كافية لعرض منتجاته.. سادسا: العمل على تخفيض الرسوم الشهرية التي يدفعها المزارع (من ١٠٠ إلى ٣٠ دينار) شهريا.. سابعا: عادة تؤخذ الرسوم مقابل الخدمات، بينما الزائر لهذه المزرعة وغيرها، يلمح وجود مخلفات متروكة على الارض.. ثامنا: التحرك على إعفاء المزارع (عبدالله حسن عبد الحسين) كبير في السن أغمي عليه (حاليا يرقد في المستشفى) لهول ما سمعه حينما تسلّم فاتورة بـ ٨٤٨ دينارا عليه دفعها.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة