الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٩٦ - السبت ٩ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ١٩ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عربية ودولية


وفاة السياسي والدبلوماسي اللبناني غسان تويني «عملاق الصحافة اللبنانية والعربية»





توفي الصحفي والسياسي والدبلوماسي اللبناني غسان تويني الملقب بـ «عملاق الصحافة العربية» الجمعة عن ٨٦ عاما، بعد اكثر من ستين عاما من العطاء الفكري والسياسي والنضال من اجل الحريات.

وتحت عنوان: «رحل.. فجر النهار»، اعلنت صحيفة النهار التي تملكها عائلة غسان تويني على صفحتها الاولى الجمعة، رحيل «عملاق الصحافة اللبنانية والعربية وعميد النهار ومعلم اجيالها المتعاقبة منذ تولى مبكرا مسؤولياته فيها وباني مجدها وصانع الق الكلمة والفكر النائب والوزير والسفير والدبلوماسي وصانع الرؤساء والعهود والسياسات في زمن مجد لبنان ومجد الرجال».

واعلنت الصحيفة ان مراسم دفن تويني ستقام اليوم السبت عند الساعة الثانية عشرة في كاتدرائية القديس جاورجيوس في وسط بيروت. ومنذ الجمعة توافدت الشخصيات والوفود إلى كنيسة مار نقولا للروم الارثوذكس في الاشرفية لتقديم التعازي.

وتقدم هذه الشخصيات رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قال بعد تقديمه التعازي «سيلتقي غسان تويني من افتقدهم في حياته وأحبهم، اما نحن فسنفتقده دائما لأننا كنا نحبه وانا احد هؤلاء. اعتقد ان ما تركه غسان تويني هو خالد، اعني بذلك صحيفة النهار».

من جهته قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بيان ان «لبنان خسر بغياب غسان تويني علما من أعلامه ورمزا وطنيا اصيلا». واشار ميقاتي إلى ان «الراحل كان مثالا في الوطنية الصادقة، دافع عن لبنان في كل المحافل العالمية بدبلوماسية لا تهادن على الثوابت الوطنية» و«نادى بوحدة لبنان وشعبه ودافع بقوة عن صيغة عيشه المميزة وكان صاحب الأراء السديدة التي تجمع ولا تفرق». وقال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ابرز اركان المعارضة، في بيان ان «لبنان من دون غسان تويني يخسر اشعاعا فكريا وثقافيا مميزا طالما تباهى به اللبنانيون حتى أصبح مثالا يحتذى في حرية التعبير والانفتاح والدفاع عن الديمقراطية والاستقلال والسيادة».

واضاف «عزاؤنا الوحيد في غياب غسان تويني ان الحرية لن تموت وان النهار مستمرة».

وكان غسان تويني الذي عاش مآسي عديدة في حياته الشخصية قد عنون الصفحة الاولى لجريدته غداة مقتل نجله الصحفي والنائب جبران تويني عام ٢٠٠٥ بسيارة مفخخة «جبران لم يمت والنهار مستمرة». وقتل جبران في خضم الاغتيالات التي طالت بين عامي ٢٠٠٥ و٢٠٠٨ شخصيات سياسية واعلامية وامنية مناهضة للنظام السوري في لبنان. ودعا غسان تويني يوم مأتم جبران إلى التعالي عن الاحقاد والتسامح.

وقال عنه الوزير السابق والنائب الحالي مروان حماده «لقد غاب احد آخر ابطال حرية التعبير في لبنان وفي العالم العربي». واضاف حمادة وهو شقيق زوجة غسان تويني الاولى ان الراحل «صنع من النهار الصحيفة المستقلة الكبرى في العالم العربي في وقت لم يكن احد يجرؤ خارج لبنان على كتابة سطرين لا يمجدان الحكام والانظمة الاستبدادية».

بدأ غسان تويني عمله الصحفي وهو في اوائل العشرينات في جريدة النهار التي اسسها والده عام ١٩٣٣. وما لبث ان دخل المجال السياسي واصبح عضوا في البرلمان وكان في الخامسة والعشرين من عمره.

شغل مناصب وزارية مهمة. وكان مندوب لبنان الدائم في الامم المتحدة في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات في اوقات عصيبة تخللها خصوصا اجتياحان اسرائيليان. وينظر إلى غسان تويني على نطاق واسع على انه «عراب» القرار ٤٢٥ الصادر عن مجلس الامن الدولي في ١٩٧٨ والذي دعا اسرائيل إلى الانسحاب من لبنان.

وفي بادرة ملفتة خص الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند غسان تويني بتحية مميزة واصفا الراحل بـ«الرجل الحر». وكتب الرئيس الفرنسي في بيان «أحرص على الاشادة بذكرى هذا الصحفي الكبير والدبلوماسي اللبناني الذي كان الجميع حتى خارج لبنان يعترف بقدراته الفكرية ومهنيته، كما يشهد على ذلك النجاح الكبير لصحيفة النهار التي أسهم في جعلها واحدا من اجمل انجازات الصحافة اليومية العربية خلال العقود الاخيرة». واضاف «على رغم المحن المأسوية التي رافقت عائلته، بقي غسان تويني رجلا حرا وبقي دوره دور مواطن ملتزم خدمة لبنان، متصالح مع نفسه وديمقراطي».

وخلص هولاند إلى القول ان «فرنسا التي كان غسان تويني تربطه بها صداقة قديمة وعميقة وصادقة، تشعر بأسى لفقدانه».

بدوره اعرب وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس عن «تأثره» و«حزنه» لوفاة تويني. وقال فابيوس في بيان ان «غسان تويني، الشخصية اللبنانية المرموقة، كان علما كبيرا من اعلام الصحافة اللبنانية. فقد جعل من صحيفة النهار التي اسسها والده مؤسسة ومرجعية صحفية في كل انحاء العالم العربي». وأضاف أن تويني «السياسي، ناضل بشغف من اجل سيادة بلاده، بصفته نائبا ووزيرا ومندوبا للبنان في الامم المتحدة التي كان فيها واحدا من صانعي القرار ٤٢٥» الذي انشئت بموجبه القوة الموقتة للامم المتحدة في لبنان (اليونيفيل). ووجه فابيوس «تحية» إلى غسان تويني «الفرنكوفوني الكبير ورجل الادب والثقافة الذي يجسد التنوع ورسالة لبنان».

وقال وزير الثقافة السابق طارق متري المقرب من الراحل «خسرنا شخصية مارست السياسة المترفعة عن النزاع على السلطة، السياسة التي تتمحور حول الخير العام والتي يوجد بينها وبين الثقافة ارتباط حميم».

فقد غسان تويني ابنته نايلة وهي في السابعة بمرض السرطان، وما لبثت ان لحقت بها زوجته الشاعرة ناديا تويني بالمرض نفسه. بعد ذلك بسنوات، قضى نجله مكرم في حادث سيارة في فرنسا. ووصف غسان تويني غيابه بـ«الكارثة الثالثة في حياتي».

الى ان كانت «كارثة» مقتل جبران، ولده الاخير. ورغم كل الالم، وافق غسان تويني، تحت ضغط محبيه والاوساط الشعبية المؤيدة لعائلته على الحلول محل ابنه تحت قبة البرلمان، مشيرا إلى انها المرة الاولى التي يخلف فيها الوالد اولاده.

قبل ثلاث سنوات، توقف غسان تويني عن كتابة افتتاحيته في جريدة «النهار» بسبب العجز والمرض.

لغسان تويني مؤلفات كثيرة ابرزها «اتركوا شعبي يعيش» وهو عنوان خطاب القاه في الامم المتحدة خلال الحرب الاهلية اللبنانية (١٩٧٥-١٩٩٠)، و«حرب من أجل الآخرين».



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

من أصداء الحوار

عندما نتصدى بالكتابة عن وزير الداخلية فإننا لا نتناول شخصه الكريم، إنما نخوض في معاناة شعب بأكمله، ونتعامل ... [المزيد]

الأعداد السابقة