الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٠٩ - الجمعة ٢٢ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٢ شعبان ١٤٢٢ هـ
(العودة للعدد الأخير)


الإسراء والمعراج رحلة في المكان





} سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير{ سورة الإسراء/.١

يمر عام، بل تتوالى الأعوام وتتجدد ذكرى الإسراء والمعراج على المسلمين ليتذكروا ما أوجبه الله تعالى عليهم من مسئولية الحفاظ على أماكنهم المقدسة التي كانت مواطئ أقدام أشرف الخلق، وهم أنبياء الله تعالى ورسله الكرام الذين اصطفاهم الله تعالى من بين خلقه، وكلفهم بحمل رسالاته إلى الناس جميعاً.

وأخذت مواكب الرسل الكرام تترى حتى بعثة سيد الأنبياء والمرسلين محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي اصطفاه الله تعالى من بينهم ليكون خاتمهم، وإمامهم إلى الناس كافة: }قل يا آيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون{ سورة الأعراف/.١٥٨

ولأنه (صلى الله عليه وسلم) خاتمهم وإمامهم كان الاحتفاء به متميزاً، والتقدير له عظيماٍ، ولقد احتفى به جميع الأنبياء والمرسلين بعد أن قلاه الناس واستقبله أهل السماء بالاحترام والتبجيل بعد أن أساء إليه أهل الأرض، وقد تجلى ذلك التقدير وهذا الاحترام في حدث الإسراء والمعراج الذي هو معجزة باهرة من معجزاته (صلى الله عليه وسلم).

والإسراء والمعراج رحلتان مباركتان، رحلة في المكان، ورحلة في الزمان.

وسوف نتناول في حديثنا هذا رحلة المكان، ونؤجل الحديث عن رحلة الزمان إلى لقاء آخر.

رحلة المكان بدأت من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى الذي بارك الله تعالى حوله في فلسطين المباركة.

وهذه الرحلة العجيبة التي طوى فيها الحق تبارك وتعالى لرسوله (صلى الله عليه وسلم) المسافات، وأراه من عجائب الرحلة الأرضية ما يشيب لهوله الولدان،ولأول مرة، وعلى هيئة لم تتحقق لنبي قبل محمد (صلى الله عليه وسلم).

لقد أعد الله تعال المكان، وأعد الوفود الذين سيكونون في استقباله (صلوات ربي وسلامه عليه).

نعم أمنية غالية، ومعجزة باهرة حققها الله تعالى لرسوله محمد (صلى الله عليه وسلم) ولم يحققها لغيره من الأنبياء والرسل الكرام، وذلك حين جعل أنبياء الله تعالى ورسله الكرام في استقباله مرحبين به.

حدث لم يتوقعه (صلى الله عليه وسلم) ولم يكن في حسبانه، ورأى (صلوات ربي وسلامه عليه) من الحفاوة والكرامة ما عوضه عما لاقاه من جفاء وسوء أدب في رحلته إلى الطائف.

وحين جاء موعد الصلاة، توقع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يتقدم أدم (عليه السلام) ليؤمهم في الصلاة، أو نوح (عليه السلام) الأب الثاني للبشرية، أو إبراهيم أبوالأنبياء (عليه الصلاة والسلام)، ولكن الذي لم يتوقعه (صلى الله عليه وسلم) أن يجمع الأنبياء والرسل الكرام (على رسولنا وعليهم الصلاة والسلام) على أن يتولى هو إمامتهم في الصلاة، وأن يكون هذا الشرف العظيم له وحده دون باقي أنبياء الله تعالى ورسله (صلوات الله وسلامه عليهم) ليسجلوا بذلك إمامته الكبرى، وزعامته العظمى للأنبياء والمرسلين جميعاً، ويكون بحق هو إمام الأنبياء والمرسلين (عليه وعليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم).

وشعر الرسول (صلى الله عليه وسلم) ساعتها بعظم المسؤولية التي وضعها الله تعالى في عنقه، وعلم السر الأكبر وراء هذه الرحلة العظمى حيث أراد الله تعالى إدخال بيت المقدس والمسجد الأقصى ضمن مقدسات الإسلام، ليتحمل المسلمون بعد ذلك مسؤولية الحفاظ عليها مع مقدساتهم، ويجمع لهم الأمكنة المقدسة المباركة التي كانت مواطئ أقدام أنبياء الله ورسله الكرام (على رسولنا وعليهم الصلاة والسلام).

وهكذا عقد الله تعالى لنبيه ومصطفاه لواء الزعامة والقيادة لركب الأنبياء والمرسلين، وتكون الرحلة المباركة في قسمها الأرضي قد حققت هدفها، وآتت أُكلها، وأجابت عن كثير من الأسئلة التي تثار حولها.















.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة