الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٦ - الاثنين ٩ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٩ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

مصارحات


تدمير البلد أخلاقيا..





الخبر المنشور على صدر «أخبار الخليج» يوم أمس، حول البحث عن عصابات سريّة تقوم باختطاف خادمات المنازل وإجبارهن على العمل بالدعارة، خبر خطير وله أبعاد غاية في الخطورة.

نحو ٧٠٠ خادمة منزلية هربن من كفلائهن خلال سبعة أشهر فقط، هذا ناهيك عن الأعداد الأخرى خلال الأعوام السابقة!

النتيجة، هو جيش من الخادمات اللاتي يتمّ توظيفهنّ في سلك الدعارة بالترغيب والترهيب! والعجيب أنّ الخبر يخرج إلى العلن اليوم فقط، وليس قبل عام أو عامين أو ثلاثة، حيث القضيّة قديمة، والنّاس تئنّ من هروب الخدم، كما تئنّ وتصرخ من حقوقها الضائعة، وأموالها التي تخرج ولا تعود!

خطورة القضيّة لا تنحصر في كونها قضيّة هروب خادمات فقط، ولكن خطورتها الحقيقية في أبعاد تلك المشكلة اجتماعياً وأخلاقيا.

في زماننا هذا، عوائل قليلة تجدها مستغنية عن الخادمات، أمّا الأغلب فيجدونهن شرٌ لا بدّ منه!

الكثير من العوائل باتت تدفع قيمة إحضار الخدم مرّة ومرّتين وثلاث في العام الواحد، والسبب إمّا قيام بعض السفارات بتحريض الخادمات على أرباب أسرهنّ، وإمّا بتورّط مكاتب الخدم، حيث يزيّنون لهنّ الهرب، ثمّ يقوم المكتب بتسليمهنّ الى أسرة جديدة، ليربح المكتب من وراء تلك الخادمة تسلم نفس الرسوم بصورة متكرّرة مع تكرّر هروب الخادمة نفسها، حيث ينظرون الى الخدم بعقلية «الدجاجة التي تبيض ذهبا»، وكلّ ذلك على حساب أموال النّاس وراحتهم وأعصابهم!

القضيّة هنا، قضيّة قوانين غائبة تحفظ حقوق العائلات من النّصب والاحتيال، كما تحفظ حقوق تلك الخادمات اللاتي يتمّ المتاجرة بأوراقهنّ، لتحقيق أكبر مكسب ممكن!

تلك القضيّة تذكّرني بقضيّة العمال «فري فيزا»، وكيف بدأت وتطوّرت حتى أصبحت تجارة ضخمة، لم تستطع وزارات بأكملها القضاء عليها، وذلك لوجود متنفّذين «قبّيضة» يستربحون من هذا الفساد.

الحاصل اليوم، أنّ قضيّة الخدم تحوّلت إلى قضيّة تجارة بالبشر، وتجارة بأخلاق أهل البلد، حيث لم يكتفوا بتهريبهنّ فقط، ولكن بتوريطهنّ في ممارسة الدعارة!

لن أقول إنّ تلك القضيّة بسيطة وسهلة، لكن لو تعاونت وزارة الداخلية ووزارة العمل وجهات أخرى معنيّة، لتحديد الهاربات أو المختَطفات، لتمكنّت وزارة الداخلية بسهولة من القبض عليهن.

الفنادق والشقق المفروشة التي سمحت الدولة بوجودها وللأسف الشديد لتلك الممارسات، معروفة مواقعها، والتجّار القائمون عليها معروفون وبالاسم كما صرّح بذلك النائب عبدالحليم مراد، والذي ذكر أنّه سلّم وزير الداخلية (سيديات) بأسماء جميع المتورّطين في تلك التجارة الخبيثة، ولكن لم يتم قطع الذَنب بعد!

ولعلّنا نذكر في هذا الصّدد التصريحات الجريئة لقرينة عاهل البلاد، صاحبة السمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم، في عام ٢٠٠٩، حيث دعت إلى الاستمرار في فضح قضايا وقصص الاتجار بالبشر في المملكة، وإخراج هذه القضايا إلى العلن، حتى وسط إنكار الأجهزة الرسمية، صاحبة السمو أضافت حينها: يجب ألا تتوقف الصحف عن متابعة هذه القصص، ونحن سنسائل المعنيين والمسئولين وسنحاسبهم. «أخبار الخليج، ٤ مارس، ٢٠٠٩».

بدورنا، نطالب بتشكيل لجنة حكومية نيابية رفيعة المستوى، تكشف للمجتمع البحريني حقيقة تلك القضية الخطيرة، كما نطالب وزارة الداخلية مشكورة بالقبض على الرؤوس المتورّطة فيها.

برودكاست: خادمات يأتين لطلب لقمة العيش، يتمّ معاملتهنّ بتلك القذارة، حيث يتم استغلالهنّ لتدمير المجتمع وتدمير حياتهنّ وبعضهنّ متزوّجات في ديارهن! فقط لتربح بعض الجيوب المنحرفة المريضة، حسبنا الله ونعم الوكيل.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة