رغم أن أيام العمل التي استغرقتها الزيارة الرسمية التي قام بها وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة للولايات المتحدة الأمريكية في أواخر الأسبوع الماضي لم تستغرق سوى يومين فقط.. فان هذا الحشد المكثف من اللقاءات والمباحثات.. وهذا العدد من كبار المسئولين وأعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، ورؤساء الاستخبارات المركزية والتحقيقات الفيدرالية والأمن الوطني وغيرهم.. يؤكد أن الجهد الذي بذله الوزير خلال هذه الزيارة القصيرة في مدتها الكبيرة في عطائها كان فوق مستوى بشر.. كما أن حجم هذا الجهد يؤكد أن الوزير ومن كانوا معه لم يذوقوا طعم النوم.. والأهم من هذا كله أنه ؟ وبحسب ما نشر عن الزيارة ؟ فقد جاء العطاء وفيرا.. كما كانت درجة النجاح التي حققتها الزيارة عالية.. فلو كانت نتائج كل الزيارات التي قامت بها الوفود البحرينية في السابق على هذا المستوى لكنا قد حققنا كل ما كان مطلوبا ومبتغى.

نشهد بأننا قد قصرنا في تقديم الإبراز اللائق أو الواجب لنتائج هذه الزيارة الشديدة الأهمية.. وإن كان لنا عذرنا وهو أن التقرير عن نتائج هذه الزيارة قد وصل إلينا في وقت متأخر عندما كنا نهم بتسليم صفحات الجريدة بأكملها للطبع.. ورغم ذلك فقد حاولنا تقديم أفضل ما كان بإمكاننا تقديمه.

جاءت هذه الزيارة المهمة زاخرة بحشد من النتائج والدلالات العميقة التي تخدم قضية الساعة على أرض الوطن.. فقد كان الطرح الذي قدمه الوزير قويا.. والرسالة التي أراد إبلاغها إلى الأمريكان بليغة وواضحة وكلها محمولة عبر الصدق في القول والطرح.. وكان رد الفعل الذي عبر عنه المسئولون الأمريكيون بقدر ما كنا نتمناه أو ننتظره.

أبلغ الرسائل التي أراد الوزير إبلاغها ؟ وهي التي يعلمها الأمريكان أكثر من علمنا وإدراكنا لها ؟ هي التأكيد أن كل تجن علينا، ومحاولات الإضرار بنا، والإساءة إلى الوطن بأكمله وإيذاء مواطنيه، قد جاء بفعل المساندة والتحريض المفضوحين من الخارج.. ويظهر ذلك جليا عندما قال الوزير:

} "إن ما شهدته البحرين من أحداث ليس أمرا داخليا فقط، بل كان بمساندة خارجية تعمل على تأجيج الوضع، والدفع باتجاه العنف والتخريب.. وهو الأمر الذي ترتب عليه إزهاق أرواح الأبرياء وترويع الآمنين من المواطنين والمقيمين".

} التحقيقات التي تم إجراؤها في أعقاب ضبط خمسة أطنان من المواد التي تدخل في صناعة المتفجرات، والتي كان عدد منها جاهزا للاستخدام قد كشفت عن وجود علاقة بين المتهمين على ذمة القضية وأطراف خارجية".

} "ان ثقافة العنف ليست من سمات المجتمع البحريني، وان المشكلة الحقيقية تكمن في النهج المتطرف الداعي للعنف كسبيل وحيد لتحقيق أهدافه".. وهنا أيضا فقد حاول الوزير أن يظهر للطرف الأمريكي أن كل شيء يحصل على أرض البحرين المسالمة كان بتحريض وتدبير وتأجيج من الخارج.. وإن كان البحرينيون هم مَن مارسوا ويمارسون هذا العنف.. فهذا ليس من دواخلهم أو "ليس من سماتهم".

} حرص الوزير أيضا على أن يبرز للأمريكان أن حريق الأزمة على أرض البحرين تشعله على الدوام عيدان ثقاب الإعلام الخارجي فقال لهم: "إن مملكة البحرين قد تعرضت خلال هذه الأزمة لهجمة إعلامية شرسة أساسها الانحياز وعدم الموضوعية".

× ولم يفت الوزير من خلال طرحه المكثف للقضية أن يوضح للجانب الأمريكي دور المتشددين الذين يغذون الأزمة من الداخل والخارج حتى تستمر عندما قال: "... مع الأسف فإن المتشددين يعملون على تغذية الأزمة كي تستمر لكونهم يستفيدون منها".

المهم أنه لم تقل ردة الفعل لدى المسئولين الأمريكيين حول ما تلقوه من معالي الوزير عن قوة طرحه.. ومن بين أهم ما أظهروه وأكدوه مما جاء كعناصر نجاح لهذه الزيارة ما يلي:

} حرص الجنرال بتريوس مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية على أن يثمِّن جهود جلالة الملك الإصلاحية وقراره الحكيم بالتوجيه لتشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق.

} أيضا أشاد بتريوس بما تقوم به الشرطة من مهام حيال الخارجين عن القانون، ودورها ويقظتها في اكتشاف المتفجرات.

} أكد ميلر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية أهمية مملكة البحرين كحليف وصديق قوي للولايات المتحدة الأمريكية.

} ساق ميلر شهادة طيبة كنا ننتظرها عندما أكد أن الطرح الإعلامي الخارجي حول أحداث البحرين قد شابته مبالغات.. وجافته الموضوعية والحيادية تماما.. وحرص أيضا على أن يبدي كل الاستعدادات لمد جسور التعاون في مجالات التدريب ومكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية.

× أبدى بوسنر تفهمه لما يواجهه رجال الأمن من أخطار وتحديات، لافتا إلى أن استمرار الوضع القائم في البحرين على هذا النحو سيستغله المتشددون لما يمثله من بيئة مناسبة لهم.

} طرح السيناتور ماكين نقطة في غاية الأهمية مقتضاها أنهم يتلقون الأخبار والمعلومات لما يحصل في البحرين من عدة أطراف متناقضة ومتضاربة.. الأمر الذي يوجب على الجهات الرسمية في البحرين الإسراع في إظهار الحقائق وإيصالها إلى الجميع.. المهم أن السيناتور ماكين قد نسي أو تناسى القول: إن الإعلام عن البحرين في الخارج في معظمه مكذوب ومأجور وموجه ومفبرك وظالم.

} قال السيناتور كاردين:" إنكم أصدقاء يعتمد عليهم، وقد كنا متخوفين من الأحداث في السنة الماضية في البحرين.. وصحيح أنه قد حدثت أخطاء ولكنكم قد اتخذتم الخطوات التصحيحية المطلوبة.. ونحن نعلم أن الأوضاع الآن أفضل لكن لابد أن يشعر الجميع بثقته بالإصلاح".

وقال كاردين أيضا: "لقد وصلت البحرين الآن إلى مستوى راقٍ ومتميز من خلال ما قام به جلالة الملك في السنوات الماضية.. لذا وجب الاستمرار في الإصلاحات.. وأنتم الآن على الطريق الصحيح.. فلا يوجد بلدان متماثلان، ولا يمكن اقتباس تجربة دولة أخرى.. لهذا من الضروري أن يكون لكم نظامكم الذي يناسبكم.. ويجب أن يكون الحل نابعا من الداخل".

وقال ماكجو فرن عضو الكونجرس: "نحن لا ندافع عن المتظاهرين العنيفين الذين يهاجمون الشرطة بالأسياخ الحديدية وقنابل المولوتوف.. ولكننا نأمل التعاون مع منظمات حقوق الإنسان وتسهيل زياراتهم للبحرين". نعم.. إن البحرين تستحق مثل هذه الزيارة.. وهذا الجهد الهائل الذي بذل خلالها.. وهذه النتائج الطيبة التي حققتها.. ونتمنى للبحرين أن تنال مزيدا من الزيارات على مستوى هذه الزيارة التي كانت نتائجها وعطاؤها أكبر بكثير من مدتها المحدودة.