الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٤ - الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٨ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

بالشمع الاحمر

معركة طويلة وشلالات دماء





العودة للمشهد السوري بين الحين والآخر مهمة جدا بالنظر إلى ما يترتب عليه من تغيير جذري في موازين القوى في المنطقة. لقد قلت في آخر مقال حول المشهد السوري بتاريخ ٢١ يوليو ٢٠١٢: إن نظام الأسد لن يسقط بالسرعة التي نتصورها لعدة معطيات أهمها أنه يتحصن بأجهزة استخبارية شرسة ومنغلقة وقوات قتالية ما بين فرق مدرعات وميكانيكية ووحدات مستقلة جميعها علوية ومحسومة الولاء للنظام تزيد أعدادها على ١٠٠ ألف مقاتل.

تطورات الأوضاع الآن ربما تشي بصحة هذا التحليل ما لم يحدث تغيير دراماتيكي يندرج تحت نطاق المفاجأة. قام الأسد مؤخرا بعدد من التعيينات في الأجهزة الاستخبارية والأمنية نوجزها فيما يلي: تم تعيين الجنرال علي مملوك رئيسا لمكتب الأمن القومي التابع مباشرة للأسد، وتم تعيين الجنرال عبدالفتاح قدسية رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية نائبا للجنرال علي مملوك. تم أيضا تعيين الجنرال رستم غزالة الذي كان مسئولا عن الاستخبارات السورية في لبنان رئيسا لدائرة الأمن السياسي التي كان يديرها الجنرال علي مملوك وأخيرا تعيين مساعد الجنرال عاصف شوكت، علي يونس، رئيسا للاستخبارات العسكرية خلفا للجنرال عبدالفتاح قدسية.

من هذه التعيينات نستنتج ونعلق من خلال ما يلي:

أولا: ان نظام الأسد لايزال قائما بشكل رئيسي على إرث أبيه حافظ الأسد من أصحاب القبضة الأمنية والاستخبارية، وان هذه المجموعة هي بالفعل من يدير كل تفاصيل الحملة الأمنية والعسكرية على الشعب السوري، وهو ما يعني أن الدائرة الأقرب إلى عمق النظام لاتزال متماسكة وصلبة وتتصرف بثقة ولا يبدو عليها القلق الشديد.

ثانيا: نلاحظ أن النظام قد زاد مؤخرا من استخدام الطيران بأنواعه لقصف المدن والقرى السورية، ليس لثقته بأن هذه العمليات سوف تنجح في إخماد الثورة أو تحقيق انتصار استراتيجي على الثوار، بل هو نوع من الانتقام الحاد من النجاحات التي حققتها الثورة حتى الآن. بمعنى آخر، لن تتوقف شراسة النظام عن الفتك بكل ما له علاقة بالثورة.

ثالثا: المرة الأولى في تاريخ النظام السوري يأتي إعلان رسمي بأنه يمتلك أسلحة كيماوية ويهدد أيضا باستخدامها ضد أي محاولة للتدخل الخارجي في الوضع السوري، وبذلك فإن النظام السوري يرسم الخطوط الحمراء للدول التي قد تفكر في التدخل المباشر لمصلحة الثوار. علاوة على أنه يوحي بقدرته على إنهاء المعركة الداخلية مع الثوار لصالحه ويقصر تهديده باستخدام السلاح الكيماوي لتخويف القوى الخارجية.

رابعا: قام نظام الأسد مؤخرا بنقل جزء من قياداته وأسلحته إلى السواحل وبالقرب من اللاذقية وإلى عدد من المطارات كي يوحي بجاهزيته القتالية واستعداده لتنفيذ تهديداته.

باختصار، ان كل ما نفهمه مما ذكرته أعلاه يتلخص في أمرين: الأول: هو أن معركة الثورة مع نظام الأسد قد تطول كثيرا، والثاني: هو أن سوريا مقبلة على شلال من الدماء قبل أن تصل ثورتها إلى نقطة الفصل والحسم.















.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة