الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤١ - الثلاثاء ٢٤ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٥ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

بالشمع الاحمر

ليس عربياٌّ.. إذن ليس إرهابياٌّ..





قبل يومين، دخل «جيمس هولمز»، وهو طالب دكتوراه أمريكي، صالة عرض بولاية كولورادو الأمريكية وأفرغ مسدسه في الجمهور الحاضر لمشاهدة فيلم فارس الظلام «بات مان» فقتل ١٢ شخصاً وجرح عشرات غيرهم من بينهم رضيع يبلغ ٣ أشهر.

عمت مشاعر الذهول والصدمة ولاية كولورادو وتحديداً مدينة دينفر. لم يكن القاتل عربياٌّ ولا مسلماً، بل غربيا مسيحيا أبيض. وسائل الإعلام هرعت إلى تغطية الحدث، والغريب في الأمر أن شبكات الأخبار الغربية جميعها، وخصوصاً الشهيرة منها، وأعني (سي إن إن، بي بي سي، رويترز، وغيرها) اتفقت بشكل هو أبعد ما يكون عن الصدفة على عدم تسمية الفاعل بالإرهابي بل أسموه «المسلح» أو «منفذ إطلاق النار»)retoohs)، كما لم تتم تسمية الحدث نفسه بالحدث الإرهابي بل أطلقوا عليه «حدث إطلاق النار» (gnitoohَّ)، وهذه هي قمة الازدواجية والتمييز في التغطيات الغربية لأحداث العالم، وليس من الصعب التكهن بأنه لو كان الفاعل عربياٌّ أو مسلماً لكان من السهل تسميته بالإرهابي ولتم ربطه سريعاً بتنظيمات «جهادية» أو ربما بـ«القاعدة».

لم يقم القاتل بتنفيذ فعلته تلك فقط، بل تبين لاحقاً أنه فخخ أرضية منزله بشحنات من المتفجرات بهدف قتل رجال الشرطة في حال قاموا بتعقب أثره. بمعنى آخر، الشخص «إرهابي» من الدرجة الأولى، وتقزيم وصفه إلى «المسلح» أو «مطلق النار» هو ضحك على ذقون المشاهدين الغربيين الذين صدمهم هول الحدث، وفي نفس الوقت هو انكشاف لزيف المهنية التي تدعيها وسائل الإعلام الغربية، حيث تقوم بتمييز فاضح ضد العرب والمسلمين وتتعمد إلصاق أوصاف الإرهاب والتطرف بهم من دون سواهم.

في نفس اليوم الذي وقع فيه الهجوم الإرهابي على السينما في كولورادو، قتل أكثر من ١٠٠ سوري على يد القوا ت النظامية لجيش الأسد، ولم تخصص وسائل الإعلام الغربية أي تغطيات موسعة لهذا الحدث بقدر ما ركزت على ضحايا كولورادو. ورغم أن النفس البشرية هي بحد ذاتها غالية جداٌّ ولا يعادلها أي ثمن، سواء كانت في الشرق أو الغرب، فإن الإعلام الغربي يمارس تمييزاً وإسفافاً ليس في حق العرب والمسلمين فحسب، بل في حق المتابعين الغربيين أيضاً، حينما هو يخفي عنهم الحقائق، ويروج لمصطلحات محددة بحسب الهوية والعرق والدين.















.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة