الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٥ - السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٩ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

هل الأسلحة الكيماوية السورية في طريقها إلى لبنان؟





ترددت معلومات مستقاة من تقارير غربية في الآونة الأخيرة ان الجيش الإسرائيلي وجيوش الولايات المتحدة وتركيا رفعوا من درجة الاستعداد القصوى لديهم ويعملون بالتنسيق الكامل استعدادا لضربة استباقية في سوريا للحيلولة دون خروج السلاح الكيميائي من مخازنه في سوريا إلى الجماعات اللبنانية الموالية لسوريا وإيران في غضون وقت قصير.

وبحسب المعلومات فإن المشكلة الرئيسية التي تواجهها تلك القوات هي الوقت الضيق المتاح أمامها من لحظة تحرك تلك الأسلحة من سوريا إلى لبنان، حيث إن تلك العملية ستستغرق أقل من ساعتين حتى يصل السلاح إلى لبنان، ولأن إنزال القوات في منطقة البقاع اللبنانية معناه إعلان الحرب على حزب الله وبالتالي على المناطق اللبنانية كافة ، لذلك تخطط القوات المتحالفة لوقف هذا السلاح قبل تحركه من سوريا واجتيازه الحدود عن طريق عملية عسكرية سريعة ودقيقة محددة الهدف، حتى لا تضطر إلى الدخول في مواجهة في لبنان.

«اورينت برس» أعدت التقرير التالي:

أفادت مصادر عسكرية مطلعة على مجريات الاحداث في سوريا ان هناك إمكانية لتهريب بعض السلاح الكيماوي السوري إلى لبنان في حال لم تتدخل جهات خارجية لمنع هذه العملية. وبحسب قولها فإن الحديث لا يدور فقط حول نقل منظومة أسلحة كيميائية فحسب، إنما أيضا صواريخ أرض- أرض من طراز سكاد القادرة على حمل رؤوس حربية كيميائية، وصواريخ مضادة للطائرات متنقلة ومتقدمة من طراز ٢٢-AS غراي هاوند التي تحمي القواعد التي توجد فيها تلك الأسلحة، مشيرة إلى أن هذا هو السبب الرئيسي الذي دفع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك للتصريح صراحة بأن إسرائيل مضطرة إلى العمل في سوريا في حال سقوط نظام الأسد وتأكيد أن إسرائيل لن تسمح بوصول الأسلحة الكيميائية السورية إلى «حزب الله» اللبناني.

تحذير إسرائيلي

من جهتها، حذرت مصادر إسرائيلية من انه ليس إسرائيل فقط وإنما أهداف استراتيجية أخرى في الشرق الأوسط قد تكون هدفا لضربات صاروخية من قبل الأسد، وتقول المصادر الاستخباراتية الغربية إن الأسد وضع قائمة بالأهداف في إسرائيل والأردن وتركيا وربما في جزيرة قبرص أيضا وقد قام بالتدريب على إطلاق الصواريخ في مناوراته الأخيرة. وبينما الكل يؤكد وجود مؤشرات على حدوث تحرك ما في مخازن الأسلحة الكيماوية التي تسيطر على مخازنها القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، إلا أنهم منقسمون بشأن الأهداف من وراء هذا التحريك فبعض المصادر الأمريكية تعتقد أن التحريك يأتي لعدم وقوعها بأيدي المسلحين الإسلاميين أو من يصفهم بالإرهابيين، بينما تقول مصادر غربية أخرى ومراقبة للوضع ومنها مصادر بريطانية ان التحريك يأتي في إطار التحضير لعملية تطهير عرقي بحق الثورة، وان الأسلحة تم نقلها أصلا إلى حمص واللاذقية وحلب من أجل الاستعمال.

ومع اتساع رقعة المعارك في سوريا تتضاعف مخاوف المجتمع الدولي حيال الأسلحة الكيميائية التي يقال إن الأسد جمعها بكميات كبيرة. وتعززت هذه المخاوف مع تحذير اطلقه السفير السوري الاول الذي ينشق عن النظام نواف الفارس بحيث أعرب عن قناعته بأن الأسد مستعد لاستخدام ترسانته الكيميائية اذا باتت أيامه في الحكم معدودة.

وكانت صحف غربية قد نقلت عن تقارير استخباراتية معلومات عن عملية محتملة لنقل هذه الأسلحة. لكن بأي هدف؟ هل لاستخدامها ضد الثوار والمدنيين أم لحمايتها لئلا تقع بين يدي جماعات مسلحة أو دول أجنبية؟

يرد الخبراء على هذه التساؤلات بالدعوة إلى الحذر، وقد صرح دبلوماسي غربي بأن «المعلومات المتوافرة ضئيلة وبعضها متناقض». وقال دانيال بايمان الخبير في مؤسسة بروكينغز في واشنطن «لا نعلم شيئا عن نيات النظام». كما لا تتوافر بيانات عامة على الاطلاق حول الترسانة السورية لان دمشق ليست عضوا في منظمة حظر الاسلحة الكيميائية.

قلق كبير

من جهتهم، يبدي الإسرائيليون اكبر قدر من القلق، وقال مساعد رئيس الأركان الجنرال يائير نافيه قبل فترة قليلة ان «سوريا جمعت اكبر ترسانة من الأسلحة الكيميائية في العالم». وتابع انها «تملك صواريخ وقذائف قادرة على الوصول إلى اي نقطة على الأراضي الإسرائيلية». وقال بايمان ان البرنامج السوري «متطور إلى حد كبير»، مضيفا انه يضم منتجات تقليدية على غرار غاز الخردل الذي استخدم بشكل كبير في الحرب العالمية الأولى وكذلك غاز السارين وغاز الأعصاب «في.اكس» القاتل.

وكانت دمشق قد بدأت تطوير هذا البرنامج في السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم وبمساعدة من الاتحاد السوفيتي لتعزيز قدراتها الرادعة بمواجهة إسرائيل النووية. غير انها لم تستخدم الاسلحة الكيميائية في المواجهات مع إسرائيل ولاسيما اثناء حرب لبنان عام .١٩٨٢

ولاحقا استفاد النظام السوري من مساعدة إيران احد حلفائه الأساسيين «لبناء مراكز إنتاج والتزود بالمواد». واشارت دراسة أخرى لمركز الدراسات حول عدم الانتشار الأسلحة الكيميائية والجرثومية إلى امتلاك سوريا ما لا يقل عن أربعة أو خمسة معامل للأسلحة الكيميائية والجرثومية أيضا قرب دمشق وحلب وفي حماة وهي إحدى المدن المركزية في الانتفاضة الشعبية.

مناورات النظام

ولفت الخبراء إلى قيام النظام السوري بتنظيم مناورات في مطلع تموز/يوليو شملت تمارين على اطلاق صواريخ سكود قادرة على حمل أسلحة كيميائية. واعتبر بايمان ان استخدام تلك الأسلحة سيشكل مجازفة هائلة للنظام الحاكم في سوريا. «لذلك فإن الرأي السائد انه لن يفعل إلا كملاذ أخير». وقد يؤدي تصعيد مماثل إلى تدويل النزاع ولاسيما في حال تهديد الأراضي الإسرائيلية بحسب خبراء. وفي حال دخل «حزب الله» اللبناني على الخط.

كما تشمل المخاوف خطر انتشار الاسلحة السورية سواء كانت كيميائية او تقليدية في حال سقوط الاسد. ففي خطاب اخير له، أكد الامين العام للحزب حسن نصرالله ان الأسلحة التي كان يقاتل بها حزبه إسرائيل في حرب تموز/يوليو ٢٠٠٦ مصدرها سوريا ومن «الصناعة العسكرية السورية».

وقال نصرالله ان «أهم الأسلحة التي قاتلنا بها في حرب تموز/يوليو في ٢٠٠٦ كانت من سوريا»، مضيفا ان «سوريا أكثر من معبر للمقاومة وجسر تواصل بين المقاومة وإيران (...) انها سند حقيقي للمقاومة وعلى المستوى العسكري». مؤكدا ان الحزب لن يتوانى عن استخدامها في أي حرب تفرض عليه وليس فقط خلال الصراع مع إسرائيل، وفي ذلك تلميح مباشر إلى استعداد الحزب للدخول في الحرب إلى جانب الأسد في حال قررت الدول الكبرى القيام بالتدخل العسكري وشن ضربة عسكرية ضد سوريا.

ويخشى البعض ان تنتهي الأسلحة الكيماوية في أيدي جماعات إرهابية ولاسيما القاعدة.

موقف أمريكا وإسرائيل

في فبراير الماضي، اعتبر مسؤولون أمريكيون ان ضمان امن مواقع الاسلحة الكيميائية يتطلب اكثر من ٧٥ الف رجل. وشدد البيت الابيض على ان النظام السوري مسؤول عن امن الاسلحة الكيميائية التي يملكها، معتبرا ان عدم حماية هذه الأسلحة يستدعي محاسبة الأفراد داخل نظام بشار الأسد.

وقال جاي كارني المتحدث باسم الرئيس باراك اوباما ان «الحكومة السورية مسؤولة عن امن وتخزين الأسلحة الكيميائية، والمجتمع الدولي سيحاسب اي مسؤول سوري لا يفي بهذا الالتزام».

وفيما تشتد المواجهات بين القوات السورية النظامية والجيش السوري الحر في مختلف المناطق السورية وخصوصا في دمشق وحلب، يتصاعد قلق المجتمع الدولي على امن الأسلحة الكيميائية التي يملك نظام الأسد كميات كبيرة منها. وقد حذر وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك من ان اسرائيل لن تسمح بانتقال اسلحة كيميائية سورية إلى «حزب الله» اللبناني. وتابع: «نراقب عن كثب.. «حزب الله» الذي يمكن ان يسعى إلى الاستفادة من الوضع لنقل اسلحة متطورة إليه».

واكد باراك انه طلب إلى الجيش الاسرائيلي الاستعداد لأي احتمال في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها المنطقة.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي قد أعلن في مؤتمر صحفي «انه لن يتم استخدام أي سلاح كيماوي أو جرثومي أبدا خلال الأزمة في سوريا مهما كانت التطورات الداخلية. هذه الأسلحة لن تستخدم إلا في حال تعرّضت سوريا لعدوان خارجي». فيما يعتبر بمثابة الاعتراف السوري الرسمي بامتلاكها ترسانة كيميائية وجرثومية.

















.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة