ليس من طبعي أن أستهين بالقوى الإقليمية المحيطة بدول مجلس التعاون، ولكنني سأفعل ذلك مع النظام الإيراني في وضعه الحالي. الجنرال مسعود جزائري نائب رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية حذر العرب مؤخراً من دعم الثوار في سوريا، وهدد بالتدخل المباشر. ومثل هذه التهديدات لا تخيف دول مجلس التعاون، فإيران غير قادرة أساساً على الانتصار على معركة الدجاج مع شعبها، حيث شهدت مدينة نيشابور الإيرانية تظاهرة حاشدة من جموع المواطنين المحتجين على غلاء سعر الدجاج في إيران وعدم قدرتهم على شرائه، ورفضاً للفقر والعوز وسياسات الدولة التي أدت إلى هذا التدهور في حياة المواطن الإيراني، وإيران تريد أن تقنع شعبها بأن الوقوف في طوابير طويلة للحصول على الخبز هو جزء من محاربة الصهيونية والإمبريالية العالمية.

بعد أن تنتصر إيران على «معركة الدجاج» والفقر في الداخل يمكن أن ننظر بعد ذلك فيما إذا كانت تهديداتها ستخيف دول مجلس التعاون، وخصوصاً أن النظام الإيراني تراجع عن تهديدات الجنرال مسعود جزائري بالتدخل في سوريا. بالطبع هم يتدخلون منذ البداية وأسهموا في قتل السوريين وفي دعم النظام، غير أن التدخل الذي قصدوه هذه المرة هو التدخل العسكري المباشر بالجيوش الإيرانية المرئية. وتراجع النظام الإيراني عن تهديداته دليل على عدم قدرته على تنفيذ هذه التهديدات، لأن دولة كإيران يعاني شعبها الفقر والجوع ولا يقدر على أن يشتري الدجاج لا يستطيع أن يخوض حرباً مع دول الخليج وحلفائهم في المنطقة لأن تلك ستكون النهاية.

النظام الإيراني يطبق سياسة ما يسمى «حافة الهاوية»، وهي سياسة قد تكون ذكية وفاعلة بعض الوقت لكن ليس كل الوقت، بمعنى أنه يتصرف بجنون وثوران متعمد كي يدفع خصومه إلى العقلانية، ويصل بالتهديدات والتصعيد إلى أقصى وأبعد مدى (حافة الهاوية) ليجني كل ما يمكن الحصول عليه من تنازلات أو مكاسب ثم فجأة يتراجع بعيداً عن الحافة، وهو يدرك أنه لا يستطيع الاستمرار في الوقوف على حافة الهاوية كثيراً كي لا يسقط أو يدفع خصمه إلى ترك العقلانية.

ختاماً، وفي تعليق سريع على الوضع في سوريا، فإن صمود الثوار في حلب وسط جميع القوى التي تتدخل لصالح النظام السوري هو انتصار بحد ذاته. إذا بذل الثوار أكثر من صمودهم هذا بقليل فتلك هي نهاية النظام السوري.