الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٥٠ - الخميس ٢ أغسطس ٢٠١٢ م، الموافق ١٤ رمضان ١٤٣٣ هـ

بالشمع الاحمر

صعود وهبوط







من تأثيرات ما اصطلح على تسميته بـ«الربيع العربي» على دول المنطقة - وأنا أقول هذا لأن المصطلح يجب أن يخضع للتقييم قبل تثبيته- إنه فتح طريقاً مفروشاً بالورود للدول العظمى والقوى الإقليمية، إما للتدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، أو ممارسة دور دولي وإقليمي أكبر بما يشكل صعوداً لقوى وهبوطاً لأخرى.

على سبيل المثال، وجدت واشنطن من أحداث الثورة المصرية فرصة كبيرة لتطلب من الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك التنحي عن الحكم فوراً. ليس هذا فقط، بل تطور الأمر بعد ذلك لتصبح السياسة الأمريكية لاعباً رئيسيا خلال فترة الانتخابات الرئاسية المصرية. في ليبيا، بعد أن سقط نظام القذافي، توجهت كلينتون إلى ليبيا واجتمعت بقوى سياسية محددة وطلبت منهم تشكيل حزب والاستعداد لـ«أخذ السلطة»، ونحن نعلم أن مثل هذه الأمور، أعني الحديث عن تشكيل الأحزاب وعمن يتسلم السلطة في أي بلد هو شأن داخلي بحت لا يفترض أن يخضع لأي إملاءات خارجية.

في سوريا، شكلت الثورة السورية العريضة ممرا لتركيا باعتبارها قوة إقليمية لتفرض نفوذها وقوتها وتعتبر ما يجري في سوريا بالنسبة لها شأن داخلي يخصها هي أيضاً. لست هنا أنكر الضرورة التي فرضتها الأوضاع على تركيا لتتدخل وتحاول مساعدة الشعب السوري على مأساته، وإنما أشير إلى الفرصة التي منحتها الثورة لتركيا كي تصعد إقليمياًّ، وفي مقابل ذلك، حاولت إيران أن تزيد من تدخلاتها في سوريا لمساندة النظام وسحق الثورة، وتبدو النتيجة النهائية صعوداً لتركيا وهبوطاً لإيران. في اليمن، اكتسبت منظومة دول مجلس التعاون الخليجي نفوذاً إقليمياًّ من خلال قدرتها على إيجاد تسوية سياسية بين مختلف الأطراف اليمنية، قد لا ترقى الى مستوى التدخل في الشئون الداخلية لليمن، بيد أنها أسهمت في نشاط الدبلوماسية الخليجية للسيطرة على أي فوضى تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.

بمعنى آخر، أحداث العام الماضي والحالي، أسهمت في كثير من التحجيم لسيادة دول المنطقة على أراضيها وفي الوقت نفسه ساعدت على صعود قوى دولية وإقليمية لتمارس أدواراً أكبر من تلك التي كان تمارسها في السابق. وهنا أريد أن أقول إن مصطلح «الشرق الأوسط الجديد» قد بات الآن واقعاً نراه يتشكل أمام أعيننا، واللافت أنه ليس شرقاً أوسطاً جديداً فقط، بل هو جديد بشكل كلي وتام..!











.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة