سيخرجون منها خاسرين
 تاريخ النشر : الاثنين ٦ فبراير ٢٠١٢
صلاح فؤاد عبيد
أي نظام حاكم في الدنيا اليوم يستمد شرعيته واستمراره من دعم الشعب، أو على الأصح من دعم غالبية الشعب، ولهذا فإن نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عندما فقد دعم غالبية الشعب سقط سقوطا مدويا، وكذلك حال نظام الرئيس المصري حسني مبارك على الرغم من المحاولات المستميتة المستمرة حتى الآن من قبل قادة الجيش المصري لتطويق وتحجيم الثورة الشعبية وامتصاص غضبة الجماهير ليتسنى لقادة الجيش الاستمرار في الحكم الذي يحتكرونه منذ إسقاط النظام الملكي عام ١٩٥٢م على أيدي (الضباط الأحرار)، لكن محاولات الجيش لن تصمد أمام الإرادة الصلبة لغالبية الشعب المصري التواق إلى العدالة والحرية.
ليبيا أيضا كانت على موعد مع ثورة شعبية عارمة لكنها لم تكن سلمية بل كانت مسلحة تسليحا قويا لتتمكن من إسقاط نظام الرئيس معمر القذافي الذي احتكر السلطة والثروة وفرض على الشعب الإيمان بأفكاره والتسبيح بحمده طوال أكثر من أربعة عقود، صامٌّا أذنيه عن صرخات الشعب ونصائح الناصحين، ولأنه كان عنيفا في إحكام الخناق على رقاب شعبه طوال مدة حكمه فقد كان متوقعا أن يستخدم العنف بكل أشكاله لقمع الثورة الشعبية المستعر أوارها ضده، وهو ما قام به بالفعل لكن إرادة شعبه كانت أكبر وأقوى من آلته العسكرية الرهيبة، وكانت نهايته أيضا دامية جدا.
الحال في اليمن لم يكن استثناء من القاعدة، إذ على الرغم من كل إنجازات الرئيس اليمني علي عبدالله صالح طوال أكثر من ثلاثة عقود - وخصوصا إنجازه الوحدة الكاملة بين شطري اليمن عام ١٩٩٠م - فإن سوء إدارة الدولة وتردي أحوال الشعب المعيشية والسياسية أديا إلى اندلاع ثورة شعبية ضده لم تستطع آلته العسكرية أن توقفها، ولولا تدخل الدول الخليجية في إقناعه بترك منصبه ومغادرة اليمن لما اختلف مصيره كثيرا عن مصير سلفه القذافي، وليس أدل على ذلك من تعرضه لمحاولة اغتيال قبل أشهر معدودة خرج منها بحروق وإصابات بليغة كادت تودي بحياته.
سوريا تسير على الدرب نفسه، ولن يلبث رئيسها أن يسقط سقوطا مدويا، لن يحول دونه الدعم الإيراني المطلق لنظامه المستبد، ولا الفيتو الروسي والصيني في مجلس الأمن لمنع فرض عقوبات عليه، لأنه ببساطة وقع في فخ استخدام السلاح ضد شعبه بدلا من التحاور معه، وهي خطيئة لا يمكن أبدا أن يغفرها أي شعب في الدنيا لنظامه الحاكم، حتى لو كان قد اختاره بمحض إرادته، فما بالنا بنظام حاكم فرض نفسه على الشعب طوال أكثر من نصف قرن؟!
قد يظن بعض الموتورين والمغرر بهم أن الوضع في البحرين يمكن أن يكون تكرارا لكل الأمثلة السابقة، لكنهم لفرط غبائهم يتناسون أن الفرق الجوهري بين الحالة البحرينية والحالات التونسية والمصرية والليبية واليمنية والسورية هي أن غالبية الشعب في تلك الدول وقفت ضد أنظمتها الحاكمة، بينما غالبية الشعب في البحرين تساند نظامها الحاكم بمنتهى القوة ولا ترتضي له بديلا، وهو ما يحاول عملاء ملالي إيران الالتفاف عليه باستخدام الكذب الإعلامي والتدليس على الرأي العام العالمي وتصعيد الأعمال الإرهابية ضد الحكومة والشعب على حد سواء، وهذه خطيئة لن يغفرها لهم أحد، ولن يخرجوا منها إلا خاسرين.
salah_fouad@hotmail.com
.
مقالات أخرى...
- هل نستطيع؟! - (5 فبراير 2012)
- نحتاج مزيدا من التوعية - (4 فبراير 2012)
- الإصلاح.. وليس الفوضى - (3 فبراير 2012)
- نملك ثروة عظيمة - (2 فبراير 2012)
- اللعبة تتكرر! - (1 فبراير 2012)
- يسعون إلى حتفهم! - (31 يناير 2012)
- العدالة الأمريكية - (28 يناير 2012)
- احذروا.. فالقادم أسوأ - (26 يناير 2012)
- تعالوا نحلم معا - (25 يناير 2012)