الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٤٠ - السبت ١٤ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٢٢ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

الدكتور عبدالرحمن الفاضل في خطبة الجمعة:

هذا هو ما حدث في مجلس النواب الديمقراطي!





قال الدكتور عبدالرحمن الفاضل خطيب جامع نوف النصار بمدينة عيسى في خطبته ليوم الجمعة أمس: الإسلام قادم ليحكم العالم من جديد، وهو ظاهر لا محالة «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ

لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»، فالمسلمون إذاً قادمون إيماناً منّا بالوعد الصادق: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ

قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ». فآيات الكتاب تبشر بأن المستقبل القريب جداً - بإذن الله تعالى - للإسلام، وإن الفتح والتمكين للإسلام آت بقوة، وإرهاصات ذلك تبدو في الأفق القريب: «وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ

الْمَنصُورُونَ. وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُون».

نعم وعد الله تعالى لا يتخلف أبداً عن عباده المرسلين ولا عن جنده المؤمنين؛ فإنه لا شك في ذلك، ولا ريب، فأنوار النصر يراها المؤمنون الصادقون الواثقون بوعد الله تعالى تشع من خلال تلك الهجمة الشرسة، ومن ثنايا ساحات الحرب الضروس التي تُشن بضراوة اليوم على الإسلام، والتي تستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة المادية منها والمعنوية، والتي يبرز من خلالها مدى حقدهم، مما يدلل على الخوف والرعب الذي يملأ قلوبهم، فيصيبهم بالهلع الذي يفقدهم صوابهم فيوجهوا من أجله أسلحتهم لضرب الإسلام والمسلمين من دون أي رحمة ولا إنسانية كما هو مشاهد على أرض الواقع، فقد نُزعت الرحمة من قلوبهم، والإنسانية من نفوسهم، فلم يعودوا بشراً رغم ادعائهم أنهم حماة البشرية والحرية، وحقوق الإنسان.

لقد انكشف الزيف وبدت العداوة والبغضاء التي تكنها صدورهم والتي حذرنا منها ربنا عز وجل في كتابه الكريم: «قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَر» نعم، إن أهل الإيمان موقنون بأن الإسلام قادم، وإن المستقبل لهذا الدين العظيم، ولهذا تشتد العداوة وتزداد الحرب شراسة، وتوجه سهام الغدر والمكر والخبث والخيانة من كل الجهات.. اليوم نشهد هذه الحرب على أشدها، نعم إنها حرب ضد الإسلام والمسلمين مهما أنكروها، لقد قالوها وسمعها العالم بتصريح كبيرهم، انها حرب صليبية تشترك فيها معهم قوى الشر العالمة، من صهيونية إلى صفوية مجوسية حاقدة، إلى كل مذهب ضال، ونحلة منحرفة، جميعها تحزبت، وليس هذا بمستغرب، فملة الكفر واحدة، فكما تحزبت قبائل الكفر والشرك مع اليهود ضد دولة الإسلام في المدينة المنورة في محاولة فاشلة لغزوها، هاهم اليوم يتحزبون ضد الإسلام، ويشنون حرباً لاهوادة فيها عليه.

نعم؛ إنها حرب اشعلوها من أجل إيقاف هذا المد الإسلامي المتنامي: «يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون» هذه العودة المشهودة إلى الإسلام وتعاليمه والالتزام بها تسبب لهم الرعب الخوف.

قد يكونون - كما يقال: إنهم دبروا بليل، ومكروا وخططوا للسيطرة على بلاد الإسلام؛ إلا أن كل خططهم ومكرهم الذي مكروه سترتد عليهم بالفشل والخسران «وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِه».

«وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ» وستنثني نصال مكرهم في نحورهم.. وعد الله لا يخلف وعده!.

ولأننا مدركون تماماً أن شدة الهجوم على الإسلام وأهله، وبخاصة هجومهم الممنهج على المخلصين العاملين من أبناء الإسلام من العلماء والدعاة وأهل الخير والصلاح في هذه الأمة؛ لهو أمر مقصود؛ لعلمهم بأنهم هم سبب رئيس في حراك الأمة ويقظتها، ولذا سعوا بالتعاون مع عملائهم للتخلص منهم، وذلك بتشويه سمعتهم تارة، وباتهامهم أخرى بأبشع التهم التي لا يمكن لعاقل أن يصدقها فيهم، بغية تنفير الناس من حولهم! إلا أننا نقول: إن ما يصيب هؤلاء المخلصين إنما هو من باب التمحيص والابتلاء تمهيداً للتمكين، فهذا هو طريق الأنبياء ومن سار على دربهم وسنة الله فيهم بأنهم لم يمكنوا حتى يبتلوا.. وليمحص الصادق من الكاذب، وليميز الله الخبيث من الطيب، والمؤمن من المنافق. نعم، نحن واثقون أن المستقبل للإسلام وإنه قادم - بإذن الله تعالى- يراه المؤمنون ويرقبونه عن قريب «أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ».

وإننا نعلم أن الحديث عن الإسلام يغيظ منّا الكفار والمنافقين. لذلك يضعون دعاة الإسلام والمتمسكين به في خانة التخلف، أو خانة الإرهاب استجابة منهم لطلب ورغب إن الإسلام ماض إلى غايته، وهو آت لا محالة بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزاً يُعز به أهل الإسلام وأهله، وذلا يذل به أهل الكفر وأهله. والسعيد اليوم من وفق لنشر الإسلام وتمكينه في الأرض، وهذه فرصة يتيحها - المولى عز وجل - لنا لنسهم في عودة الإسلام والمسلمين إلى سابق عزهم وتالد مجدهم!!. وليكن معلوماً أن اعداء الإسلام لن يتركوا المسلمين وشأنهم.. بل سيقفون كما هو حالهم بكل شراسة وضراوة من أجل منع الإسلام من تحصيل أهدافه، وليس هذا بمستغرب فالصراع بين الحق والباطل قائم، وعلى أهل الحق اليوم أن يكونوا على مستوى لتحمل مسؤلياتهم تجاه دينهم، ولنعلم بأننا لا نأكل تمراً، وإنما نواجه عدوّاً شرساً مخادعاً مكاراً يعرف عنا كل شيء، علم قبل غزونا من سنين كل شيء عن ديننا، وأحوالنا وذلك من خلال دراسات علمائه ومستشرقيه، علموا قوتنا ومكامن ضعفنا، فعملوا على إضعافنا بتجريدنا ابتداءً من أقوى أسلحتنا ألا وهو زعزعة سلاح الإيمان في نفوسنا وإضعاف التمسك بالقرآن.. فجعلوا فاصلاً بيننا وبين ديننا، إلا من رحم ربك، لقد جردونا حقيقة وواقعاً من أحكام الشريعة، فأبعدوا شريعتنا عن واقع حياتنا، فلم يعدْ يُحتكم إليها إلا في مسائل العبادات فحسب؛ في داخل المسجد لا تتعداه، فإنه لا شأن لها ولا علاقة بمطالب الحياة التشريعية المختلفة!

لهذا تجدنا اليوم يتسلط علينا أراذل الناس، ويبغي علينا الشواذ والمنحرفون عن الدين، ويتعدى علينا أذناب المجوس الأرجاس!! لم يكن هذا ليحدث لو أننا تمسكنا بديننا وتوكلنا على ربنا حق التوكل، إننا نداهن الناس على حساب ديننا، إرضاءً لمَنْ؟ وطاعةً لمَنْ؟ وخوفاً ممن؟! ولنعلم بأنه لا مساومة على تعاليم الدين، ولا مداهنة فيها لأحد: «وَدلاوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ» وأسوتنا - صلى الله عليه وسلم - لم يداهن أحداً وهو في أشد الأوقات الحالكة! لأن أصحاب المبادئ يُعرفون عند مواقف الإصرار عليها، ولعلني أشير هنا إلى ما حدث في مجلس النواب الديمقراطي ضرباً للمثال، وذلك عندما أسقط استجواب الثقافة بسبب عدم التصويت من البعض، أو التغيب المتعمد من قبل من كنا نظنهم أصحاب مبادئ ومواقف راسخة لا تتغير تحت أي ظرف من الظروف! ومن هنا يحق لنا استباحة انتقاد الشجاعة الجوفاء التي انكشف لنا زيفها، والتي هُتكت على إثرها صورة الديمقراطية المزعومة، والتي نأمل ألا يحظرعلى النشر ما قلناه؛ كي لا تسقط الديمقراطية التي ندعيها البتة إلى غير رجعة! كما اننا نشكر للديمقراطية أن وفقت مجلس النواب إلى عدم الموافقة على التعديل الدستوري باشتراط توفر الشهادة الثانوية لدى أي مترشح، والاكتفاء بشرط معرفة القراءة والكتاب! لقد اراح النواب بهذا الناس من الدراسة والتعليم، فأبشروا، فليس عليكم إلا أن تجيدوا القراءة والكتابة؛ لكي تحظوا بعضوية مجلس النواب؟ همتكم في الانتخابات القادمة إنها فرصة ثمينة وميسرة.. ولا تعليق! إننا لن نتخلى عن البحرين وسندافع عنها بكل غال وثمين عهداً لله تعالى لا نتخلف عنه من بعد إذنه وتوفيقه؛ ولكننا نعجب - ومن حقنا أن نعجب - من تصريحات وزارة الداخلية التي تقول: رجال الأمن في الميدان يلتزمون بأقصى درجات ضبط النفس، وهذا لا يعني أنهم غير مسلحين أو غير مجهزين! كما حذرنا كثيراً من مسألة التحريض على الاعتداء على رجال الأمن، لأن هذا العمل غير مسئول.

ولذا نقول ان شعب البحرين يعلم أنهم ملتزمون بضبط النفس، ولكن إلى متى؟! ولم يعد ضبط النفس والتحذير من العمل غير المسؤول مقبولاً، وبخاصة أن رجال الأمن يواجهون شراذم مدربة عسكرياً على القتال! إنهم في الحقيقة يواجهون جيشاً مكتمل التدريب، وها هي ذي أسلحتهم المستعملة تدل على تمكنهم وما يخفونه أكبر وأخطر، وما التفجير الغادر الذي أصاب رجال الأمن بإصابات بليغة وخطرة؛ إلا تطور نوعي يجب فيه الحزم، ويتحتم معه الحسم السريع مع شرذمة المخربين، ومحرضيهم الذين يسرحون ويمرحون من دون أن ينزل بهم أدنى عقاب!

ولهذا الشعب يسأل: وماذا بعد يا وزارة الداخلية؟ وماذا بعد يا سيادة الدولة؟ وللآية التالية توجيه عظيم قال تعالى: «إِذْ يُوحِي رَبلاكَ إلى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ

وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنان».



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة