ربيع الاقتصاد.. وتعريف العوجان
 تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٩ مايو ٢٠١٢
أحمد عبدالله
لن يحتفل أحد بربيع اقتصاد قائم ومستمر في دول مجلس التعاون منذ عقود. لا ثورات ولا اعتصامات ولا حرق أطر. وبدلاً عن ذلك ستدشن البحرين احتفالات خليجية بأول أسبوع لريادة الأعمال. وسيمر الأسبوع هادئاً ولكنه سيحفر قنوات تأثير عميقة في السوق، وفي أوساط أهل الحل والعقد والمال وسيترك بصمته على جيل حالي وأجيال قادمة. وهو حلقة بسلسلة.
في الربيع العربي تحرر الفرد سياسياً، وأنهى، ولا يزال، علاقة لا طلاق بها ودامت قروناً بينه وبين الدولة. وانقلبت أمور شكلت أسساً مطلقة لمجتمعات الأعمال العربية. لم يعد كثيرون يرون أن الثورة على الدولة شق للطاعة، ومخالفة لولي الأمر. وأعادوا تشكيل السياسات فبدل تقديس الحكم أصبح تغيير مساره وضبط شؤونه، وتحديث مؤسساته بانتظام هو حق للناس وواجبهم أيضاً.
في عواصم الخليج لم تسر الأمور على شاكلة تونس والقاهرة وبنغازي وصنعاء ودمشق. وكان وجود اقتصاد متطور أحد أسباب كابحة. رغم كل شيء كانت الدول الخليجية بسبب مستويات معيشة حققتها حكوماتها بمثابة صمام أمان وقى الدولة وأقنع الأفراد بالمواصلة.
وتنتشر اليوم دعوات من كل جانب لتمديد ربيع اقتصادي خليجي، بدأ باكتشاف البترول قبل ثمانين عاماً في البحرين. ووسط تلك المسيرة برزت محطات خليجية فارقة أهمها تبلور كتلة مجلس التعاون الاقتصادية عام ١٩٨١. واليوم يحتفل هذا الكيان بتكريس أول أسبوع كامل لتأسيس بذرة رائد الأعمال في الأفراد، وتكثيف العمل والإرشاد ليبرز جيل جديد من رجال الأعمال: يقبلون بعدم وجود الحلول كلها ولا العيش بمجمله قريباً من الدولة وإداراتها ومؤسساتها الاقتصادية. فقد رأت الحكومات والأفراد، كل لأسبابه الخاصة، ألا تقدم سيحدث إلا بتطوير الممارسة الفردية، وتغيير نمط التفكير والسلوك اليومي إن أريد لنمو اقتصادي الاستدامة.
والدولة، وبعد اكتظاظ قوائم توظيفها، باتت تشعر أن الوقت قد أزف لكي تصارح المواطنين بأن الازدهار الاقتصادي والتوسع المستدام ليس كله بيديها. واكتشف المواطن، وروّاد الأعمال، أن بيروقراطية الدولة ليست بكافية لتوظيف كل الأفراد، ولا تدر مالاً وفيراً لضمان عناية طبية ممتازة للعائلة، ودراسة بمستويات جيدة للأبناء، ولا تقاعداً أفضل بعد سني عمل طويلة ومضنية.
وكما حدث التوافق على إقامة كتلة اقتصادية خليجية، يرعى الطرفان، الحكومي والخاص، الآن جهوداً مكثفة لإشاعة ثقافة الاعتماد على النفس، وروح المجازفة، وتملك أدوات المخاطرة المحسوبة. وبدون انتشار تلك المبادئ لن يشهد الخليج تحديثاً اقتصادياً ولن ينافس عالمياً.
وتحت مبدأ «ريادة الأعمال ليست منصباً.. إنما اختيارٌ ذاتي» يقول الرئيس التنفيذي لبنك البحرين للتنمية نضال العوجان: «إن تجربة البنك وشبكة مؤسساته تمثل نموذجا بحرينياً عربياً سباقاً يؤكد أن رواد الأعمال ليسوا مخترعين ولا مكتشفين إنما هم أفراد يستطيعون تحويل أفكارهم إلى مشروعاتٍ حقيقية؛ يبنون فرق عمل، ويتمتعون بالتزام ودوافع قوية حتى يروا أفكارهم قد تحولت إلى واقعٍ ملموس».
.
مقالات أخرى...
- حماية المِلكية الخاصة مقياس للديمقراطية العربية - (22 مايو 2012)
- الوليد بن طلال - (15 مايو 2012)
- نقابة المصرفيين والإنتاجية - (8 مايو 2012)
- كم من التنمية نحتاج؟ - (1 مايو 2012)
- اقتصاد ما بعد الربيع - (24 أبريل 2012)
- تكنولوجيا اليابان بين «الغرفة» و«الشورى» - (17 أبريل 2012)
- صناعة تجميل إسلامية بقيمة ٣١ بليون دولار - (10 أبريل 2012)
- آمال الناس في طيران الخليج - (3 أبريل 2012)