الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥١٠ - السبت ٢٣ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٣ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

د. عبداللطيف المحمود في خطبة الجمعة:
نرفض تأييد أي قوى سياسية لمجرد انتمائها إلى الإسلام





في خطبته ليوم الجمعة بجامع عائشة أم المؤمنين بالحد تحدث فضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف محمود آل محمود عن المخاطر التي تواجه الأمة.. قال:

قدر الأمة أن تكون حامية لرسالات السماء

من قدر أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) طول الأزمنة أن تكون حامية ومدافعة عن رسالات السماء في مواجهة أعداء الله تعالى وأعداء رسوله (صلى الله عليه وسلم ) وأعداء الرسل وأعدائهم بأشكال متعددة, حتى لا ينقطع العمل لنصرة هذا الدين بل لنصرة رسالات السماء كلها.

الصبر والمصابرة والمرابطة هي عدة الأمة الإسلامية

هذا النوع من الجهاد يحتاج إلى الصبر والمصابرة والمرابطة المستمرة لتعلم مبادئ الإسلام وأحكامه وقيمه والعمل بها ونشرها عملا بقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».

وثواب هذه المهمة التي حملها الله تعالى للمسلمين ثوابها الجنة كما قال ربنا عز وجل: «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ».

وهذه المهمة أوجبها الله تعالى على جميع أتباع الأديان السابقة, فأتباع تلك الأديان قاسوا ما قاساه المسلمون بالأمس وما يقاسونه اليوم وما سيقاسونه غدا, يقول سبحانه وتعالى: «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ».

وفي هذه الأيام تكثر الشدائد على المسلمين وخاصة في البلاد العربية وتتكالب عليهم وعلينا الدول الكبرى بمساعدة المتعاونين معهم من داخل الدول وخارجها تحقيقا لنبوة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): (يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأُكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا. قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ, وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ, يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِى قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ. قُلْنَا: وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ: حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ.

المخاطر التي تهدد الأمة الإسلامية والعربية

الأمة الإسلامية والعربية اليوم مهددة بوسائل ومخططات ظاهرة وباطنة من قبل أعدائها منها:

- تفتيت الدول العربية وإعادة تقسيمها إلى دول طائفية دينية وعرقية وقبلية. وما موقف السياسيين الأمريكيين الذين زاروا هذه المنطقة منا ببعيد في اصطفافهم مع القوى الطائفية.

- مساندة القوى الكبرى للنزاعات الطائفية الدينية والقومية والعرقية والوقوف مع كل من يعمل على أسس طائفية, بل يعملون على تأجيج هذه النزاعات إذا كانت موجودة, كما حصل في السودان والعراق ولبنان والبحرين والكويت وليبيا واليمن.

- تشجيع القوى الكبرى على استمرار العنف وتوسيع نطاقه على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في أي دولة فيها حركات طائفية خاصة تلك الحركات الطائفية الدينية.

- تمكين العسكريين من الحكم ومساعدتهم على البقاء, فقد أثبت كثير من العسكريين الذين حكموا البلاد الإسلامية والعربية أنهم قد وقفوا في وجه توجهات شعوبهم الدينية وفتحوا عليهم من أبواب المشاكل ما أضعف دولهم وأورثوا شعوبهم التباغض والتناحر, كما حدث في تركيا وفي باكستان وفي مصر وفي ليبيا وفي سوريا وفي العراق, وما يريدون اليوم أن يحدث في مصر من سيطرة العسكريين على الحكم في مصر ليعود الأمر إلى ما كان.

أين تركيا اليوم من يوم أن حكمها العسكر؟ وأين باكستان اليوم بعد أن انفصلت عن الهند وحكمها العسكر مع ما يحدث للهند التي لم يحكمها العسكر؟

واجب أبناء الأمة العربية والإسلامية

لا نتحدث عن الواقع للطم الخدود وشق الجيوب والصراخ والعويل, بل لنستنهض جميع القوى المتعددة المختلفة الانتماء الديني والفكري في أوطاننا وفي كل بلد عربي وإسلامي لما يأتي:

اليقظة التامة بما يدور علينا وحولنا وحول أمتنا من مخططات, وعدم الانشغال بما يفرق الصفوف ويمزق اللحمة الوطنية والدينية.

عدم الاغترار بما نسمع من صداقات الدول والتحالفات معها, فهذه الدول سرعان ما تنقض علينا وتنقلب على عقبيها إذا رأت ما يخدم خططها البعيدة والقريبة.

عدم تشتيت الجهود وافتعال المعارك الجانبيه بين المجموعات والجماعات فليس هذا وقتها فالخطر عام وكبير وليس محدودا وديننا ووأوطاننا ولغتنا وقوميتنا العربية في خطر فلا نجعل للشيطان علينا سبيلا ولا نساعد أعداءنا بمزيد من التمزق والتحارب, عملا بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (َلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى ضُلاَّلاً, (وفي رواية كفارا) يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ).

الهجوم على القوى الإسلامية والحكم عليها بالفشل مقدما

تدور في هذه الأيام بعد تغيير بعض أنظمة الحكم في بعض البلاد العربية حرب إعلامية كبيرة بين أنصار القوى السياسية التي لعبت أدوارا كثيرة خلال العقود الماضية سواء أكانت من القوى الإسلامية أم من غيرها من القوى، وتستخدم في هذه الحرب الإعلامية كل الأساليب الطيبة والخبيثة.

ومن أبرز ما تهاجم بها القوى السياسية الإسلامية الحكم عليها بالفشل في إدارة الحكم والدولة قبل أن تحكم.

وهذه الحرب هي جزء من الثقافة التي عاشتها شعوبنا وقوانا السياسية في الشرق الأوسط والتي أريد لها أن تتعمق لدينا كقضية مبدئية لا تقبل النقاش وهي ثقافة اللدد في الخصومة أي شدتها وهو ما نهانا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقوله: (أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ).

هذا وقد عاشت أجيالنا في الدول العربية والإسلامية حربا طاحنة بين الفريقين فلم يستقر لها قرار وضاعت أوقات الأمة وثرواتها وطاقاتها فكل من وصل إلى الحكم أذاق من خالفه في الرأي الذلة والمهانة.

التفرقة بين الخلاف الفكري والعمل السياسي في الدول المتقدمة

وإذا قارنا بين ما نراه في بلادنا العربية والإسلامية مع ما يدور في الدول المتقدمة فإننا نرى العراك الفكري في الدول المتقدمة على أشده, إلا أن العمل السياسي يقوم على التسليم بحكم صناديق الاقتراع وترك المجال لمن يصل إلى الحكم للتجربة فإن نجح استمر الناس في تأييده وإن فشل غيّروه في الانتخابات التالية فقد وجدوا في هذه السياسة أفضل السبل لحفظ الأنفس والأعراض والأموال والمحافظة على قواهم السياسية والاقتصادية والعسكرية وعلى تقدمهم العلمي من دون أن يتعرضوا للانقلابات العسكرية أو التسلط الدكتانوري المستبد, رائدهم في هذه السياسة أن الخسارة المؤقتة خلال فترة حكم بعض القوى خير من الخسارة المستمرة.

نحن بحاجة إلى أن نستن بتلك السنة الحسنة من العمل السياسي في الدول المتقدمة لما فيه من خير كثير للدول والشعوب.

لا تزكية أو تأييد لأي قوة إسلامية لمجرد انتمائها للتيار الإسلامي

لست ممن يقدم صكوك الغفران والتأييد والتزكية لأي قوة سياسية إسلامية يمكن أن تحكم في تلك البلاد لمجرد أنها تنتمي للتيار الإسلامي, لأن النجاح في إدارة الحكم لا يعتمد على مجرد الأقوال والمبادئ والإعلانات بل يعتمد على القدرة على إدارة جميع قوى الدولة البشرية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والعسكرية لما فيه صالح جميع المواطنين الذين يستظلون بظلال البلد الذي يعيشون فيه.

قلت لبعض القياديين الإسلاميين في بعض البلاد التي وصلوا فيها إلى الحكم, إنكم لم تنجحوا بمجرد وصولكم إلى مؤسسات الحكم من مجالس نيابية وشورية وتأليف حكومات ووصول لرئاسة الدولة, فإنكم الآن في محل الاختبار والتجربة, فإدارة الدولة لا تحكمها نصوص محكمة بل هي أمور اجتهادية في واقع متغير باستمرار, يعتمد النجاح فيها على الشورى والاستفادة من كل القوى الداخلية, فالعمل ونتائجه هو المعيار الذي يقاس به النجاح أو الفشل, وهو ما ذكره الله تعالى في كتابه العزيز: «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ».

قرار وزير التجارة والصناعة

أمر داخلي وهام إذ نرجو أن يكون قرار وزير التجارة والصناعة بإيقاف عمل لجنة التحقيق التي شكلتها غرفة التجارة والصناعة عندما خرجت اللجنة عن إطار عملها واستخدمتها لتحقيق مصالح طائفية خاصة ألا يكون مجرد قرار وقتي بل نريده أن يكون سياسة تتبعها جميع الوزارات وزارة العدل ووزارة التنمية الاجتماعية وغيرها من الوزارات عندما يستغل العاملون في أي منظمة من المنظمات الأهلية تلك المنظمات لأغراض تضر الوطن والمواطنين.











.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

روسيا حين تخسر العرب!

لعل من المتعارف عليه في الدوائر السياسية أن روسيا اليوم لا ينبغي أن تمثل الاتحاد السوفيتي السابق، والمقصود ... [المزيد]

الأعداد السابقة