الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٤ - الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٨ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

الإنسان التقي





التقوى صفة جليلة من صفات المؤمن اذا بلغها صار مؤهلا ليكون من المحسنين الذين سبقت لهم من الله تعالى الحسنى، فهم عن النار مبعدون، وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون.

جاء ذلك في بيان رائع يزرع الأمل حدائق ذات بهجة في قلوب المؤمنين، ولا ينال المؤمن هذه الدرجة، اي درجة التقوى الا بالمجاهدة والمصابرة، وهناك تمارين ايمانية اذا أداها المؤمن وداوم عليها بلغت به درجة التقوى.

يقول سبحانه: «وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين(١٣٣) الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين(١٣٤) والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون(١٣٥) أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين(١٣٦» (سورة آل عمران).

هؤلاء هم المبعدون عن النار، بل هم ناجون حتى من سماع حسيسها وهي تستعرّ.

يقول سبحانه: «إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون(١٠١) لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون(١٠٢) لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون(١٠٣)» سورة الانبياء).

هؤلاء هم المتقون وهم على موعد مع شهر تتجلى فيه التقوى بأظهر وأجلى معانيها، فالمسلم في هذا الشهر العظيم تتجسد معالم التقوى في سلوكه فهو لا يكتفي بأن يكون متقيا لله تعالى بالامتناع عن المحرمات التي نهى الشارع الحكيم عنها في رمضان وفي غير رمضان، بل يتقي الله تعالى في الامتناع عن المباحات في نهار رمضان وهذه قمة التقوى، فاذا كانت التقوى عن المحرمات لها ما يبررها من تحريم الله تعالى لها لضررها على الانسان، فان التقوى عن المباحات التي ليس لها من مبرر الا أن الله تعالى الذي اباحها في غير رمضان حرمها في رمضان ليتجلى كمال الطاعة من العبد لسيده سبحانه.

يقول سبحانه وتعالى: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون». (سورة البقرة ١٨٣).

اذاً، فرمضان هو موسم الطاعات وتتجلى فيه معالم التقوى في اقوال الانسان وأفعاله، فهو يتقي الله تعالى في الحرام والحلال، ويحقق من خلال ذلك ارقى معاني الطاعة التي لا تكتفي بالامتناع عن الحرام، بل تتجاوزه الى الامتناع عن الحلال لا لضرر منه بل لأن الله تعالى أمرنا بذلك، وعلمنا الحكمة من وراء ذلك أم لم نعلمها؟ ونكتفي بتفويض الأمر الى الله تعالى لأنه سبحانه أعلم بما يصلحنا من انفسنا.

هذا هو الانسان التقي الذي ينتصر على نفسه وعلى شيطانه من الانس والجن.

هذا هو الانسان التقي الذي قدم الدليل على كامل ارادته الحرة، وان أمره بيده إن شاء أطاع وان شاء عصى.























.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة