الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٧ - الاثنين ٣٠ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١١ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

رغم مساندة روسيا والصين دوليا.. نظام بشار على حافة الهاوية





خرج مجلس الأمن بعدة توصيات جديدة لوضع نهاية بشار الأسد سريعا، أهمها منح بعثة المراقبين شهرا إضافيا لإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل كتابة نهاية النظام السوري عسكريا، في حين تتصاعد أعمال الجيش السوري الحر الخاصة بتنفيذ تفجيرات تستهدف منشآت حيوية، وآخرها تفجير مبنى مجلس الأمن القومي السوري وقتل أربعة من أهم أركان الأسد؛ مما جعل الأسد يلتزم الصمت، حيث إن نهاية بعض رجاله المخلصين جعله كأنه بلا ظهر في مواجهة الثوار والمنشقين عن الجيش السوري، في حين رفض مراقبون استمرار الفيتو الروسي الصيني المشترك حفاظا على مصالحهما السياسية والاقتصادية، وعدم الخلاص من حليفهما "بشار الأسد" بالخلع أو المحاكمة أو وقوعه في أيدي الثوار، وأصرا على إعطاء بعثة المراقبين الدوليين شهرا إضافيا للتصعيد العسكري ضد النظام السوري، لحل الأزمة خلال هذا الشهر أو محاولة إيواء الأسد أو منحه حق اللجوء السياسي لموسكو أو بكين، حتى يكون بعيدا عن الملاحقة الجنائية.

بينما يؤكد مراقبون سياسيون عرب أن وجود هذه البعثة في سوريا مجرد مسرحية مكشوفة والتدخل الغربي في سوريا هو أحد الخيارات - للأسف - لوقف مذابح بشار في حق شعبه، ولكن على جانب آخر يبقى تفاقم الوضع العسكري في حال تدخل قوات النيتو أمرا ليس سهلا ؛ لأن المنطقة قد تشتعل بحرب شرسة تضم سوريا وإيران وحزب الله بدعم عسكري من روسيا والصين من جانب، وبين دول مجلس الأمن من جانب آخر؛ وطالب الخبراء في خلال الشهر الإضافي بالضغط العربي والدولي على بشار لإقناعه بقبول التنحي ويكون نموذج الحل اليمني، ويكون التدخل الغربي المتمثل في مجلس الأمن هو الحل الأخير للأزمة السورية.

د.عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق يؤكد أن الدعم الروسي الصيني لم يبق أمامه سوى شهر لمحاولة إنقاذ حليفهما بشار الأسد قبل انقضاض قوات الناتو على سوريا لتطهيرها من زبانية الأسد الذين استمروا في قتل الأبرياء المطالبين بالتغيير، مستنكرا الصمت الدولي والعربي حتى وصل الأمر إلى إمكانية التدخل العسكري بعد انتهاء مدة عمل المراقبين بعد شهر وهو ما يجعل المنطقة تواجه حربا شرسة في حال عناد بشار وإعلانه تمسكه بالسلطة، وبالطبع لن تتخلى عنه الدول المساندة لبقائه، وقد تكون حربا عالمية ثالثة وسوف تدخل جميع الأطراف التي لديها مصلحة في المعركة، متوقعا فشل المهلة التي منحها مجلس الأمن لبعثة المراقبين لعجزهم عن إدانة بشار الأسد في المجازر التي تقودها قواته والشبيحة ضد الشعب الأعزل، مؤكدا نجاح موسكو وبكين خلال هذا الشهر في إقناع الأسد بالتوقف قليلا عن المجازر بهدف الخروج من الأزمة الدولية التي وضعهما الأسد فيها وإحراجهما أمام العالم، حتى يتمكنا من إيجاد حل لخروجه من السلطة بأمان، بعد أن تمت تصفية كبار رجاله المخلصين في النظام ووقوفه منفردا من دون داعم، وعدم وثوقه في تصعيد قيادات جديدة قد تكون سببا في حدوث انقلاب عليه، لأن قبول أي عسكري منصبا في هذا التوقيت بمثابة انتحار سياسي وعسكري للنظام، موضحا أن تزايد المنشقين عن الجيش النظامي جعل من الجيش الحر قوة لا يستهان بها في سوريا حيث وصلت أسلحتهم وقنابلهم إلى دمشق وهو ما يعني انتهاء وسقوط الأسد قريبا، وأصبح المجتمع الدولي يعرف ذلك، ويرى أن مواقف روسيا والصين غير مبررة كونهما تحاولان البحث عن مخرج آمن للأسد قبل سقوطه في أيدي الثوار.



سيناريو الرئيس التونسي

وأوضح د.عمرو الشلقاني أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن بشار الأسد أصبح مرعوبا من تكرار سيناريو الرئيس السابق حسني مبارك أو العقيد الليبي معمر القذافي، ولكنه في أسوأ الأحوال سوف يلجأ إلى تطبيق سيناريو الرئيس التونسي بن علي أو الرئيس اليمني عبدالله صالح، وبالطبع لن تتركه موسكو أو الصين لمواجهة المجهول المظلم، مشيرا إلى أن تمديد بعثة المراقبين في سوريا مدة شهر بمثابة البحث عن طوق نجاة للأسد من حيث وضع مسودة للتنحي مقابل الحصانة القضائية المحلية أو الدولية، أو منحه حق اللجوء السياسي إلى موسكو أو بكين، معتقدا أن بشارا يرغب في التنحي عن السلطة ولكن ليس قبل أن تسرع الدولتان في منحه الضمانات الكافية، قبل تصعيد الموقف العالمي عسكريا ضده، رافضا الموافقة على استمرار بعثة المراقبين وخطة عنان مدة شهر إضافي؛ حيث إنهما لم تعملا لمصالح الشعب السوري، بل تركتا شبيحة بشار وقواته يمارسون أبشع جرائم القتل والاغتصاب في حق أبناء الشعب السوري ولم تلتزم الحكومة السورية بما تعهدت به أمام الجامعة العربية أو كوفي عنان، مشيرا إلى أن تزايد أعمال العنف في ظل وجود المراقبين الدوليين دليل على عدم اهتمام النظام السوري بوجود هؤلاء المراقبين، والتمديد لهم يعد بمثابة المحاولة الأخيرة لإخفاء جرائم بشار والبحث عن غطاء قانوني لإخراجه من السلطة بشكل يحفظ له كبرياءه أمام العالم، متخوفا من وجود مخطط "سوري" بمعاونة الفيتو "الروسي الصيني" بالسماح للأسد بالبقاء في السلطة وإصدار حزمة من الإصلاحات الدستورية والسياسية واستكمال مدته الرئاسية لتسليم السلطة بشكل آمن، ويظل الوضع السوري متدهورا بسبب الفيتو، وعدم قدرة مجلس الأمن على التحرك العسكري لإسقاط الأسد.

ثلاثة محاور

وأشار د.حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن الأزمة السورية تمر حاليا بثلاثة محاور هي أولا: الانهيار الداخلي لبشار بعد مقتل بعض رجاله الذين كانت لديهم اليد العليا في سحق وقتل المتظاهرين وبقائه حتى الآن في السلطة، ثانيا: الدعم الخارجي المتمثل في "روسيا والصين" والاعتراض الكامل على أي قرار دولي يصدر ضد بشار الأسد حيث تريان أن الأسد يحاول القضاء على مجموعة المخربين الذين يريدون إسقاط سوريا في الهاوية، ثالثا: مجلس الأمن الذي يترقب موافقة موسكو وبكين على القيام بعملية عسكرية لإسقاط الأسد وإنقاذ الشعب السوري من المذابح والقتل والاغتصاب من قبل قوات الشبيحة الذين أتى بهم الأسد من دول إفريقية للقضاء على المتظاهرين، مشيرا إلى أن التصعيد العسكري قد يكون حلا مهما لإسقاط الأسد، ولكنه قد يكون محاولة خاطئة في التصعيد العسكري، موضحا أن الوضع الداخلي العسكري بدأ يتزايد ضد بشار من قبل الجيش السوري الحر، أو القادة المنشقين، حيث إنهم يديرون معركة عسكرية وصلت إلى دمشق، مما جعلهم يفجرون مبنى الأمن القومي، وقد يسيرون في نهج الاغتيالات والتصفية الجسدية لبعض القادة المؤيدين لبقاء الأسد، مضيفا أن الأزمة السورية سوف تبدأ انفراج أزمتها بعد مهلة مجلس الأمن التي حددها بشهر واحد فقط، وبعدها سوف يوجد حل سريع وفعال للأزمة السورية، فإما التصعيد العسكري ضد بشار وإما خروجه من السلطة بشكل آمن وحصانة من الملاحقة القضائية والإقامة في روسيا كلاجئ سياسي.

لوأضاف د.جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة بورسعيد: ان استمرار وجود بعثة المراقبين الدولية في سوريا مسرحية فاشلة، معتبرا موافقة الدول العربية على المشاركة في إرسال مندوبين مع الدول الغربية كان بمثابة إعلان صريح بأن ما يحدث في سوريا مجرد حركة أو احتجاجات لزعزعة استقرار سوريا، مشيرا إلى أن النظام السوري أصبح يضع المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن بين يديه، طالما تستمر روسيا والصين في دعمه معنويا وعسكريا، موضحا أن تمديد وجود بعثة المراقبين العرب في سوريا شهرا إضافيا محاولة بائسة لتأمين والبحث عن مخرج قانوني يمنعه من الملاحقة القانونية المستقبلية، أو منحه حق اللجوء السياسي إلى موسكو أو بكين بهدف الحفاظ على حليفهم القوي، مؤكدا أن البعثة أصبحت عديمة الجدوى في بقائها لأنها لم تجد في إظهار الصورة الحقيقية للشعب السوري وعملت على التعاطف مع النظام وإظهار الثوار في صورة الإرهابيين الذين يحاولون زعزعة استقرار سوريا، والنظام يقمع المحتجين بهدف الحفاظ على البلاد، مضيفا أن بشارا أصبح غير قادر على السيطرة الأمنية والعسكرية وخاصة بعد وصول الجيش السوري الحر إلى دمشق وتفجير مبنى مجلس الأمن القومي السوري وقتل أربعة من أهم رجال الأسد الذين كانوا يساندونه في قمع المتظاهرين.

واستنكر د. جمال حسني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وقوف روسيا والصين خلف الأسد بكل هذه القوة، والدعم العسكري المطلق ليستمر بشار في مجازره؛ لأنه يدرك تماما أن وراءه قوة دولية عالمية تسانده وتمتلك "الفيتو" للوقوف أمام أمريكا ودول العالم، حيث إنهما قوتان لا يستهان بهما في سباق التسليح العالمي، ورغم ذلك كانت تريد الولايات المتحدة إسقاط بشار من البداية حفاظا على الجولان وأمن إسرائيل، مؤكدا أن سوريا بأكملها لم يعد بها مكان آمن سوى الجولان المحتل من الدولة الصهيونية والخراب حل بالبلاد بسبب رغبة الأسد في البقاء قابعا على السلطة، مشيرا إلى أن المهلة التي حددها مجلس الأمن بالإجماع على بقاء عمل المراقبين شهرا تعكس مدى التوتر الدولي والخوف من حل الأزمة السورية عسكريا من قبل قوات الناتو، حيث تحاول القوى الدولية إيجاد مخرج لحل الأزمة السورية قبل التصعيد العسكري حتى لا يتورط بعض الدول في حرب لا يعلم مداها وخطورتها إلا الله، مؤكدا أن الأسد لن يكون لقمة سائغة في أيدي القوات المعتدية وستحاول الأطراف المؤيدة لبقائه محاربة الجميع للحفاظ على حليفهم السياسي والاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط.

خدمة (وكالة الصحافة العربية)





















.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة