الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٩ - الأربعاء ١ أغسطس ٢٠١٢ م، الموافق ١٣ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية

سباق لاسترضاء «سادة أمريكا»







مع ان ما حدث في الأيام القليلة الماضية ليس بالأمر الجديد ولا الغريب، فان المرء مع هذا لا يملك إلا ان يرثي حال القوة العظمى الأكبر في العالم.. أمريكا.

نعني ذلك السباق المخزي الذي خاضه كل من الرئيس الأمريكي اوباما ومنافسه في الانتخابات القادمة المرشح الجمهوري رومني، من أجل استرضاء الكيان الإسرائيلي، وكسب عطف الإسرائيليين.

الذي حدث كما نعلم ان رومني أعلن قبل فترة انه يعتزم زيارة إسرائيل. ما ان أعلن ذلك، حتى استبق اوباما الزيارة، واتخذ عددا من الخطوات الفورية التي تؤكد ولاءه لإسرائيل.

جلس اوباما محاطا بممثلين للوبي الإسرائيلي في أمريكا، وفي حضور صحفيين إسرائيليين حرص على دعوتهم، ووقع قانونا «يعزز التعاون مع إسرائيل في مجال الأمن والدفاع». وبالطبع، في تصريحاته التي أدلى بها بالمناسبة، حرص على تأكيد «الالتزام الثابت بأمن إسرائيل» وكيف ان توقيعه لهذا الاتفاق، إنما جاء «للتأكد من ان أصدقاءنا الإسرائيليين في أمان».

وفي نفس الوقت، أوفد اوباما مستشاره للأمن القومي إلى إسرائيل، كي يطلع نتنياهو رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي على تفاصيل الخطط الامريكية لضرب إيران. فعل هذا بالطبع كي يؤكد ان امريكا تتبنى نفس الموقف الإسرائيلي من إيران.

بالمقابل، وكما كان متوقعا حرص رومني في زيارته لإسرائيل ان يصور نفسه على اعتبار انه «أكثر إسرائيلية» من اوباما بكثير، وانه على استعداد للذهاب في مواقفه، أو بالأحرى في تبعيته لإسرائيل الى حد بعيد جدا لا يمكن ان يصل إليه اوباما.

وهكذا تحدث رومني مثلا عن القدس باعتبارها «عاصمة لإسرائيل» في رأيه. وتحدث أيضا عن انه إذا قررت إسرائيل، من تلقاء نفسها، توجيه ضربة عسكرية الى إيران، فإنه سوف يحترم هذا القرار.

ماذا يعني هذا؟

ماذا يعني هذا السباق الذي يخوضه اوباما ورومني لاسترضاء الإسرائيليين وكسب عطفهم؟

يعني ببساطة ما يلي:

١ – ان اوباما ورومني يدركان تمام الادراك ان نجاحهما في الانتخابات من عدمه ، معلق برضا الإسرائيليين، ويتصرفان على هذا الأساس.

كل منهما يدرك ان رقبته في يد الإسرائيليين، بمقدورهم ان يخنقوه ويخرجوه خاسرا ، او ينقذوه من هذا المصير.

٢ - معناه ان الاثنين يقران ويعترفان بأنه على الأقل حين يتعلق الأمر بإسرائيل وبقضايا الصراع العربي الإسرائيلي وحتى بقضايا المنطقة بشكل عام، فإن امريكا ليس لها قرار مستقل.

في وعيهما وتقديرهما الجازم ان القرار هو في المقام الأول قرار الإسرائيليين. وان المتاح أمام قادة امريكيا لا يتعدى الموافقة على ما يقره الإسرائيليون.

٣ – وبالطبع يعني هذا ان القضايا والمصالح العربية عموما لا تعني بالنسبة للمرشحين شيئا على الاطلاق ولا يقيمان لها أي وزن أو اعتبار من أي نوع.

بعبارة أخرى أكثر تحديدا، ما حدث يعني ان اوباما ورومني يفكران ويتصرفان على اعتبار ان الإسرائيليين هم «سادة امريكا».. هم الذي يتحكمون في اقدارها وقرارها، حتى حين يتعلق الأمر بقرار اختيار رئيس لأمريكا، الذي من المفروض نظريا انه قرار بيد الشعب الامريكي وحده.

هي بعبارة ثانية، عبودية سياسية لإسرائيل يعترف بها المرشحان للرئاسة الامريكية ويتصرفان على أساسها.

طبعا، هو أمر يدعو إلى الغرابة والرثاء ان يكون هذا هو حال اكبر قوة عظمى في العالم، وان يكون هذا هو قناعة قادتها. لكن هذا أمر يعنيهم على أية حال.

الذي يهمنا نحن في الدول العربية انه آن الأوان لأن نتصرف نحن أيضا على هذا الأساس. أي على أساس ان قضايانا نحسمها نحن وحقوقنا نستردها نحن، من دون انتظار أي شيء ولا تعليق أي أمل على امريكا.

هذا أمر.

الأمر الآخر انه اذا كان هذا هو حال امريكا وقادتها في التبعية الذليلة للإسرائيليين، فمن المعيب جدا ان نسمح لأمريكا بان تحاول ان تتحكم هي في مقاديرنا ومقادير دولنا، وتحاول ان تخرب دولنا ومجتمعاتنا بتدخلاتها السافرة وخططها التآمرية علينا.

الذين هم عبيد للإسرائيليين، من المعيب جدا ان يسمح لهم البعض في دولنا بأن يتصرفوا كما لو كانوا «سادة» لنا.













.

نسخة للطباعة

شـــكرا للمحامي.. تمخضوا فولدوا فأرا!

في خطاب أرسلته السيدة أنديرا غاندي في عام 1957 إلى دوروثي نورمن ـــ وهي صحفية وكاتبة ومصورة أمري... [المزيد]

الأعداد السابقة