الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٩١ - السبت ٢٥ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٣ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

الشيخ صلاح الجـودر:

الخليج يعيش هذه الأيام أزمة تستهدف عروبته





في خطبة الجمعة بجامع قلالي أمس قال الشيخ صلاح الجودر: المتأمل في حوادث الأيام الماضية، والمستقرئ لما كتب عنها يدرك أن الهجوم على أمة الإسلام، وتشويه الحقائق وقلب الوقائع، يتنامى ويتعاظم، وتشتد ضراوته مع استغلال الوسائل الإعلامية، كالقنوات الفضائية ومراكز التواصل الاجتماعي وأجهزة الاتصال الرقمي، حيث لم تقتصر الحرب الحالية على بعض الأقلام الأحادية المغرضة في بعض الصحف الصفراء، بل تبنتها فضائيات عدائية مأجورة، ومنتديات طائفية مدسوسة، ومواقع اجتماعية عميلة، في حملة منظمة التخطيط، شرسة التنفيذ، لا تراقب إلاٌّ ولا ذمة، مما يستدعي فضحها وكشف عورها والتحذير من سمومها وأهدافها، وهي مسئولية كل فرد منا، فالحرب اليوم أصبحت معلنة بين أصحاب الحق ودعاة الباطل.

إن الحملة التي تتعرض لها دول الخليج العربي هذه الأيام تستهدف هويتها العربية في مرحلة التغيير التي تشهدها بعض الدول العربية، فما تتعرض له البحرين وهي بوابة الوطن العربي الشرقية منذ عام كامل لأكبر دليل على حجم المؤامرة لتغيير هوية أبنائها، فهي حرب لا هوادة فيها، تعاونت فيها بعض الفضائيات الطائفية مثل قناة العالم الإيرانية ودعاة المؤامرة في الداخل الذين مارسوا صنوفاً من العنف الممنهج، تخريب وتعدّ على بعض المدارس الحكومية، وتأجيج في دور العبادة من أجل الصراع الطائفي المقيت، والقدح في رموز الوطن من أجل تسقيطهم وإذهاب هيبتهم لدى العامة، وغيرها كثير لتقويض دعائم التعايش والأمن وتغيير هوية الوطن، ولكنها جميعها ستتحطم - بإذن الله - أمام صخرة الوحدة والتماسك خلف القيادة السياسية، فالجبهة الداخلية هي الجدار القوي لتلك المحاولات.

في عصر كثرت فيه الفتن والمحن حري بأبناء هذه المنطقة الاضطلاع بمسئولياتهم، وتغيير نمط تفكيرهم، وأبرزها التحول من التفكير التعاوني إلى التفكير الاتحادي، فثلاثون عاما من التعاون كافية، والأخطار المحيطة اليوم تستدعي التوجه إلى الاتحاد، يجب أن يتطور الفكر الخليجي في اتجاه الوحدة والاتحاد، فالمنطقة اليوم تشهد تغيراً كبيراً لا يمكن العودة به إلى الوراء، ولا يمكن الحديث عن مرحلة ما قبل فبراير ٢٠١١م، فدول العالم اليوم تنظر إلى الكيانات القوية المتماسكة، لقد آن الأون أن يستيقظ أبناء الخليج العربي وأن يعوا خطورة المشاريع المطروحة عليهم، فإما الوحدة الخليجية وإما التبعية للقوى الإقليمية؟.

إذا أخذنا شاهدا حياً على ما تتعرض له الأمة اليوم من سموم وأدواء لتغيير هويتها، نرى أن البحرين تأتي مثالاً حياً لتلك الأطماع التوسعية الدنيئة، فالإعلام المزيف يصور دفاع أبناء البحرين عن وطنهم وهويتهم وإرادتهم وكأنهم دخلاء، والمؤسف له حينما نرى بعض الإخوة في الكويت الشقيقة وهم يجاملون دعاة العنف والتخريب تمهيداً لتسليم البحرين لأسيادهم في إيران، فهناك من يتحدى مشاعر أبناء البحرين، فما تتعرض له البحرين ما هو إلا مؤامرة كبرى ومخطط مسموم لتغيير هويتها العربية التي أكدها أبناؤها في مارس عام ١٩٧٠م أمام لجنة تقصي الحقائق.

إن أبناء هذا الوطن ممسكون بدولتهم المستقلة، داعون إلى الاتحاد الخليجي، مصرّون على انتمائهم العروبي، يرفضون التبعية لإيران، وهذه الحقيقة يعلنها كل بحريني.

يجب على أبناء هذا الوطن، سنّة وشيعة، تجاوز خلافاتهم، وترك المعارك الجانبية والوهمية، والسعي للتوحد خلف قيادتهم السياسية، وهجر دعاة الفتنة والاصطفاف الطائفي، يجب أن تتوحد الجهود من أجل ردم كل المستنقعات التي يعيش فيها دعاة الفتنة الطائفية، الحاجة اليوم أن نجابه الحملة الإعلامية الشرسة على البحرين وأبنائها بنفس الأسلوب والقوة، فمسئولية علماء الشريعة والخطباء والدعاة وأصحاب الأقلام اليوم الدفاع عن أمتهم ومجتمعهم وهويتهم، وإن هناك من بني جلدتنا ممن يتحدث بألسنتنا من يسعى لتشويه الحقائق، وقلب الوقائع، متجاهلين المكاسب التي حققها أبناء هذا الوطن في أقل من عشر سنين، قال تعالى: «فأما الزبدُ فيذهبُ جُفاء وأما ما ينفعُ ؟لناسَ فيمكث في ؟لأرضِ كذ؟لك يضربُ ؟للهُ ؟لأَمثالَ» ]الرعد١٧[.

لقد حذر نبيكم محمد(ص) من الفرقة والخلاف، وأخبر بأن أمته ستصاب بهذا الداء حينما تهبط إلى مستوى التفكير الطائفي والحزبي والفئوي، فقال: «وستفترِق هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين فرقة، كلها في النارِ إلا واحدة»، وحذّرها بعد ذلك من الاقتتال والصدام فيما بينها، «لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» صحيح رواه البخاري ومسلم، ثم أرشدها إلى المخرج حينما أكد قيم الوحدة والتعايش والتسامح فقال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا»، واعلموا عباد الله أن توحد الأمة وتماسكها هو النجاة بعد تأييد الله، قال الله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» ]آل عمران: ١٠٣[



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

تحية وطنية لرجال الأمن

في لقاء لمعالي وزير الداخلية مع الصحافة المحلية في مطلع هذا الشهر، سألت «أخبار الخليج» الوزير: ما هي رؤيتكم... [المزيد]

الأعداد السابقة