كل الخيارات لا تخلو من مرارة
صراع العسكر والإخوان في مصر.. مع من تقف القوى المدنية؟
 تاريخ النشر : السبت ٢١ يناير ٢٠١٢
القاهرة ـ وكالة الصحافة العربية:
في أي جانب يمكن أن تقف القوى المدنية، في الصراع الوشيك ؟ المفترض ؟ بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين بمصر؟ سؤال يفرض نفسه على الساحة السياسية خلال الفترة الراهنة، ولاسيما أن هناك صراعات أخرى بين القوى المدنية وكل طرف من الطرفين على حدة أو الاثنين معاً، كما أن حرب البيان الدائرة بين المجلس العسكري والإخوان تؤكد أن قوى الإسلام السياسي تسعى ليكون التصعيد الشعبي هو سلاحها في مواجهة اصرار المجلس العسكري على الإبقاء على حكومة الجنزوري، أو أي إجراءات تصعيدية أخرى قد يتخذها العسكر في مواجهة الجماعة وحزبها، ومن ثم البرلمان التي تسيطر على الأغلبية فيه.
في هذا الإطار، يقول سامح عاشور، نقيب المحامين، الأمين العام للحزب الناصري، انه لا يمكن للقوى المدنية ان تحدد موقفها وان تغرق نفسها في خلافات غامضة بين المجلس العسكري والإخوان، ولاسيما أن منحى هذه الخلافات غير واضح حتى اللحظة الراهنة، ومن ثم فإن التعجل في اختيار أي من المتصارعين ليس تصرفا صحيحا، مع التأكيد ان القوى المدنية ستدافع عن الشرعية والمدنية في مواجهة العسكر مهما كبدها ذلك من خسائر.
وتوقع عاشور أن تظهر سمات هذا الخلف أو الصراع خلال الأسبوع المقبل بعد تنفيذ التصعيد الشعبي الذي هددت به جماعة الإخوان المسلمين.
وفي رأي النائب باسم كامل، عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة، ان الصراع بين المجلس العسكري والإخوان ليس مفتعلاً كما يرى البعض، بل هو صراع حقيقي على السلطة، ومن ستكون له الكلمة العليا في المرحلة المقبلة، الأمر الذي يضع القوى المدنية في مأزق شديد التعقيد، لأن لديها ملاحظات قوية على إدارة العسكر للبلاد، وتحالف الإخوان معه في تلك المرحلة الفارقة في حياة الشعب المصري، والقوى المدنية ستجد نفسها في مأزق ضرورة الانحياز إلى طرف من الطرفين، ومن ثم فإن الانحياز للجانب المدني فرض نفسه بقوة إصرار القوى المدنية على الإبقاء على مدنية الدولة وإنهاء الحكم العسكري، والانحياز إلى الشرعية أمر حتمي، وهو الأمر الذي سيدفع بالقوة المدنية إلى الانحياز لجماعة الإخوان المسلمين، ولكنه سيكون انحيازا نقديا، بمعنى مساندتها في مواجهة المجلس العسكري بكل الطرائق السلمية، ولكن مع مواجهة رغبتها في السيطرة والهيمنة والخروج على التوافق الوطني في الوقت نفسه.
وأشار كامل إلى أن هناك عاملاً ينبغي مراعاته من قبل القوى المدنية، وهو رأي الشارع ومطالبه، والسعي ؟ بل الإصرار ؟ على إحداث توافق وطني وإيجاد الحد الأدنى من الاتفاق بين القوى السياسية من أجل إسقاط الحكم العسكري، مثلما كان الوضع في فترة الثمانية عشر يوماً الأولى من الثورة، التي كان الميدان خلالها معبراً عن الجميع.
وعن رؤية البعض بأن الإخوان والسلفيين يتخذون مواقف متخاذلة من الثورة والثوار، مدللين على ذلك بالعديد من الأحداث التي انحاز فيها الإخوان إلى جانب العسكر وليس إلى جانب الثورة والثوار، قال كامل انه رغم موافقته على ذلك التوصيف فان هناك صورة لإسقاط حكم العسكر، ثم بعد ذلك يمكن تصفية أي حسابات أو إيجاد توافق وطني بين قوى الإسلام السياسي والقوى المدنية.
مجرد حيلة
أما المهندس كمال خليل، وكيل مؤسسي حزب العمال المصري، فيرى أن الأزمة بين الإخوان والعسكر ليست أزمة حقيقية، بل هي مجرد حيلة جديدة من قبل الطرفين لشد القوى المدنية إلى صراعات جانبية لا محل لها من الإعراب، مؤكدا أن تاريخ الثورة المصرية يؤكد أن هذه الحيلة هي التي تم من خلالها تم إجهاض الثورة وتفتيت الثوار، بين مؤيد للتعديلات الدستورية ورافض لها، وما بين مؤيد للمليونيات في مقابل رافض لها، في الوقت نفسه الذي كان الإخوان والعسكر يحبكون خيوط المؤامرة على الثورة والثوار.
وأشار خليل، إلى أن تصريحات الإخوان والعسكر الأخيرة تؤكد أنه لا صراع بينهما، وأن الأمر لا يتخطى حد قسمة الغرماء للسلطة والثروة، مستعيناً بتصريحات الدكتور سعد الكتاتني الأخيرة التي أكد فيها أنه لا صراع بينهم وبين المجلس العسكري،، وأن الأمر مجرد اختلاف في وجهات النظر يسعى الطرفان إلى الانتهاء منه في أقرب وقت ممكن، إضافة إلى بيان المجلس العسكري الذي لم يقدم فيه على ذكر اسم الجماعة، هذا على عكس ما كان يفعله باقي القوى الثورية كحركة شباب ٦ ابريل وغيرها.
ويرى خليل أنه على القوى المدنية ان تبحث عن مخرج من الاختيار بين القاضية الدينية أو الفاشية العسكرية، وأن تجد قوى أخرى يمكن الارتكاز عليها في تحقيق مطالب الثورة، مثل الانضمام إلى الحركة العمالية أو شباب الألتراس الذين كانوا وقودا للمعركة خلال الفترة الماضية.
مأزق الدولة المدنية
«القوى المدنية في مأزق يصعب الخروج منه بلا خسائر» بهذه الكلمات بدأ أستاذ العلوم السياسية الدكتور مصطفى كامل السيد، حديثه، مؤكدا ان هناك أزمة حقيقية في اختيار إلى أي خندق تقف القوى المدنية في الصراع ما بين المجلس العسكري والإخوان، ولاسيما ان كليهما قد ارهق القوى المدنية وافشل حلمها بإقامة دولة القانون والحرية والعدالة الاجتماعية، ومن ثم فإن الوقوف مع احدهما للتخلص من الطرف الآخر سيأتي في نهاية المطاف بأحدهما ليعيد الكرة من جديد، لكنه عاد ليؤكد ان مساندة العسكر في مواجهة الإخوان ستقتل حلم الدولة المدنية تماما، وستأتي بحاكم عسكري يعيد انتاج النظام القديم بمزيد من الديكتاتورية، الأمر الذي يجعل على القوى المدنية التحالف مع الإخوان على أن يكون ذلك التحالف مشروطا بإقامة الدولة المدنية وبناء توافق وطني حقيقي في جميع التحركات القادمة، وفي مقدمتها اسقاط حكم العسكر، تحقيق المحاكمات العاجلة، إقامة دولة المؤسسات، بدلا من سعي جماعات الإسلام السياسي إلى إقامة دولة الخلافة الإسلامية.
وعن تاريخ الإخوان المسلمين في الالتزام بشروط التحالف مع القوى المدنية ومخالفته سعيا إلى مصالحها، قال السيد إن الوضع معقد وليس أمام القوى المدنية سوى التجريب والتكتل من أجل فرض التوافق الوطني في مواجهة العسكر، وطالب السيد تيار الاسلام السياسي بالسعي إلى القوى المدنية وضرورة تغيير موقف تلك الجماعات من إقامة دولة المؤسسات والقانون، وعدم الانصياع إلى مطامع قيادات تلك التيارات، والاستماع إلى صوت العقل الذي يؤكد أن الوضع الوحيد الذي يمكن فيه ضمان استقرار مصر هو الدولة المدنية مع الحفاظ على الهوية المصرية.
وعلى صعيد التيار الإسلامي، قال د. محمد البلتاجي، القيادي الإخواني، ان الأمر بين العسكر والإخوان لم يصل بعد إلى حد الصراع بل إنه مازال في طور الاختلاف في وجهات النظر في إدارة المرحلة الانتقالية، وان التساؤل حول تضامن القوى المدنية مع الإخوان في هذا الشأن امر مثير للدهشة، وخاصة ان مطلب الإخوان هو إقالة حكومة الجنزوري التي سبق ان اعترضت عليها جميع القوى المدنية، بل سعوا إلى التصعيد في مواجهتها ونظموا اعتصاما تجاوز عشرين يوما أمام مجلس الوزراء، وانتهى بكارثة راح ضحيتها العديد من الشهداء إلى جانب حرق المجمع العلمي، ومن ثم فإن رفض بعض القوى المدنية التضامن مع الإخوان لا يمثل سوى علامة استفهام كبرى، وخاصة ان الهدف واحد.
وأنهى البلتاجي حديثه بمطالبة القوى السياسية بالعودة إلى روح ثورة الخامس والعشرين من يناير التي كانت تجمع الكل على هدف واحد، وهو التضحية من أجل الوطن والتوحد في مواجهة المخاطر.
.
مقالات أخرى...
- يوم الأسير الفلسطيني.. معان ودلالات وأرقام أكثر من ٢٠ ألف أسير فلسطيني معتقلون بلا تهمة منذ عام ٢٠٠٢ - (21 يناير 2012)
- هل تنتقل شرارة الاضطرابات من سوريا إلى لبنان؟ - (20 أبريل 2012)
- مفكرون وحقوقيون يؤكدون: الثورة المصرية تسير بخطى بطيئة ولكنها نحو النجاح - (20 أبريل 2012)
- غرائب ما يحدث في لبنان.. احتفاء بعميد عميل لإسرائيل! - (19 أبريل 2012)
- مخاوف إسرائيلية من تحول سيناء إلى قنبلة موقوتة دعوات إسرائيلية للتوغل في سيناء واحتلالها - (18 أبريل 2012)
- بعد إعلان برقة إقليما فيدراليا مستقلا تحذيرات من تداعيات تقسيم ليبيا على الأمن القومي المصري - (18 أبريل 2012)
- خبراء يؤكدون: أعضاء البرلمان المصري يفتقدون الخبرة السياسية - (16 أبريل 2012)
- محللون إسرائيليون يدعون إلى التريث قبل توجيه أي ضربة عسكرية إلى إيران - (15 أبريل 2012)
- الانتخابات الرئاسية المصرية وأبرز المرشحين في دائرة الجدلانتقادات للإخوان المسلمين بسبب قرارهم بالترشح لانتخابات الرئاسة - (13 أبريل 2012)