الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٦ - الاثنين ٣٠ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٩ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

في أول أيام مؤتمر عصور ما قبل التاريخ

المتحدثون يقلبون صفحات التاريخ القديم ويطالبون بحماية التراث





في اليوم الأول من المؤتمر الإقليمي لعصور ما قبل التاريخ وفجر الحضارات في المنطقة العربية، والذي افتتح على شرف قرينة عاهل البلاد رئيسة المجلس الأعلى للمرأة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة مساء يوم السبت، وتنظمه وزارة الثقافة خلال الفترة ما بين ٢٨ وحتى ٢ مايو في فندق الريجنسي، ألقت الدكتورة منيرة الرياحي نظرة عامة لعصور ما قبل التاريخ والمواقع الأثرية في المنطقة العربية، إذ قالت إن لكل أمة عريقة تراثا مشهودا وتاريخ الأعراق أثر خالد، تعرف به ومن خلاله البلدان والأمم الناهضة، وهو رصيد للمنطقة العربية والتراث الإنساني، وقد برهنت التنقيبات على مدى تجذر هذا التراث منذ أقدم العصور.

وأضافت الرياحي «منذ ما يناهز القرن والنصف استقطبت العلوم الإنسانية علوم ما قبل التاريخ واستهوت الجميع، وقد كان للمنطقة العربية نصيب وافر منذ القرن الـ ١٩ إلى القرن ٢٠، الأمر الذي مكن من إبراز المنطقة التي دلت عليها الأدوات الحجرية البارزة على سطح الأرض، وما تبعها من عوامل طبيعية، وتراكمت المصادر العينية والمكتوبة والتي كونت أرشيف تلك الحقبات، إلا أن يبقى التعاطي نادراً لضعف الإمكانيات البشرية والمادية وعدم توافر كل تلك الاختصاصات التاريخية لعلم التاريخ».

ورأت الدكتورة الرياحي أن المنطقة العربية سجلت تنوعاً في مكوناتها وأوديتها وسواحلها ومواقعها الجغرافية المميزة بالانخراط في التاريخ البشري، والتي أثبتت في دورها تطور الثقافات والمجتمعات منذ التاريخ القديم وفجر الحضارات.

عصور ما قبل التاريخ المكتشفة في العراق

أما الدكتورة مريم عمران موسى من العراق فقد استعرضت بعض من تفسيراتها حول عصور ما قبل التاريخ المكتشفة في العراق قائلة «يعد العراق من المناطق التي ضمت التراث العالمي لشعوب وطئت مدنه وقراه منذ العصور القديمة ورسمت خريطة قديما وخطت ركابها في أرضه، شماله ووسطه وجنوبه، وطبعت على أديم العراق حضارتها، علومها ومعارفها وفنونها وباتت اليوم تلالا منشرة في كل مكان.

مضيفة «فالعراق يحتضن آلاف المواقع الأثرية التي لا تزال بحاجة إلى البحث والتنقيب فضلاً عن مواقع أخرى شملتها أعمال التنقيب تعود في تاريخها إلى أدوار حضارية مختلفة ومنها عصور ما قبل التاريخ، وهي تلك العصور التي مرت في تاريخ الانسان قبل أن يهتدي الانسان إلى اختراع وسيلة للتدوين، وقد درج الباحثون في الآثار على تسمية عصور ما قبل التاريخ بالعصور الحجرية وتقسم هذه العصور إلى أربعة عصور رئيسية، هي العصر الحجري القديم، العصر الحجري الوسيط، والعصر الحجري الحديث، والعصر الحجري المعدني، كما أشارت الدكتورة مريم إلى المشاكل والتحديات، والعوامل البيئية الطبيعية، التي تعاني منها المواقع الأثرية بالشكل العام هي تأثيرات العوامل الطبيعية كالرياح والامطار والعوامل البيئية كالمياه الجوفيه، فيما العوامل البشرية تأثرت بواقع الحروب، خلال أحداث عام ٢٠٠٣ مما أدى إلى الكثير من أعمال التخريب والنهب والسرقة منها موقع بزيخ، شميت، مرد، أم العقارب، جوخه، أما، أيسن وغيرها.. كما تعرضت مواقع أخرى لتجاوزات القوات المتعددة الجنسيات، وذلك باتخاذها معسكرات مثل بابل، كيش، أور، بينما الملكية الخاصة حيث كانت أغلب المواقع الأثرية تقع ضمن أراض تعود إلى مواطنين، وهذا ما عرض المواقع إلى الكثير من التجاوزات كالزراعة والبناء.

ماهية الإنسان الأول

وتساءل الدكتور مهند السيامي من اليمن حول ماهية الإنسان الأول، إذ قال «لم يتعرف العلماء على شواهد كافية ودالة على عصور ما قبل التاريخ في اليمن إلا منذ فترة وجيزة فقد كانت المعلومات قليلة ومشتتة وتقتصر على بعض اللقى الأثرية من وادي حضرموت وأطراف صحراء الربع الخالي ولم يتمكن علماء الآثار من رسم بعض خطوط الصورة المتعلقة لما قبل التاريخ إلا منذ السبعينيات، ويمكن للمرء الآن أن يقرر إجمالاً أن أرض اليمن احتوت حضور الإنسان منذ العصر الحجري القديم فقد عثر على أدوات حجرية كان يستعملها الإنسان قديماً في عدة مواقع من اليمن مثل وادي حضرموت ومأرب ومعبر».

موضحاً «دلت الأبحاث الأثرية في خولان الطيال على كثير من الأماكن التي كان يتم فيها عمل الأدوات من حجر الصوان فقد كانت الأدوات تصنع في موقع الحجر نفسه من العقد الصوانية في الطبقات الصخرية الرسوبية المنتشرة إلى الشرق من مدينة جحانة، يضاف إلى ذلك ما كشفت عنه المسوحات الأثرية في المنطقة الواقعة بين صنعاء ومأرب وذمار إذ تتميز هذه المنطقة بوجود مواقع أثرية من العصر الحجري الحديث وهي منازل منعزلة بيضاوية الشكل، تتميز بوجود أعمال حجرية دقيقة الصنع فيها».

مستنتجاً «شهدت اليمن تطورات بيئية خلال فترة العصر الهولوسيني، تأثرت بسببها أجزاء منها، وتغيرت معها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والاستيطانية للناس فزادت مساحة الأراضي المتصحرة بعد أن جفت مياه الوديان فيها وتكونت الكثبان الرملية وخصوصا في أطراف الأجزاء الغربية والجنوبية للربع الخالي والمناطق الساحلية التي تحولت إلى مناطق طاردة للسكان بعد أن كانت مواطن ملائمة للعيش تسكنها أعداد كبيرة من مجتمعات العصر الحجري الحديث، بينما ظلت مناطق المرتفعات الجبلية تعيش أوضاعاً مناخية رطبة وملائمة لاستمرار استيطان الإنسان فيها، ولتعيش فيها أنواع من الحيوانات البرية مثل الماعز والأغنام والأبقار والخنزير والوعل وأنواع أخرى، بالإضافة إلى ذلك كانت لا تزال مناطق ملائمة لنمو الأصناف المختلفة من النباتات والأعشاب والحشائش والمحاصيل الحبية التي كانت تنمو طبيعياً».

حضارة فلسطين

وأخذ الباحث التاريخي محمد الزواهرة من فلسطين على عاتقه في شرح الفترة الحجرية النحاسية ما قبل ٦٠٠٠ من اليوم، أي باستخدام العظام بالاعتماد على العينات والتي من خلالها تدرس، وخاصة لتسليط ضوئه على تل المخجر، كما عرض خرائط توضيحية للمواقع التي اكتشفت في حضارة فلسطين.

وذهب الدكتور وجيه كراسنة من الأردن في شرح عصور ما قبل التاريخ في الأردن وموقع بسطة في جنوب الأردن كنموذج، إلى جانب تصنيع الأدوات العظمية فيها في العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار، قائلاً «تمتلك المملكة الأردنية الهاشمية مخلفات أثرية غنية جداً وتمتد فترتها من زمن الإنسان الأول وإن اكتشاف هذه المخلفات أو التراث الأثري الهائل والثمين والمحافظة عليه لهو مسؤولية عظيمة ومهمة، يتميز الأردن بأنه يزخر بثروة غنية بالآثار والمواقع الأثرية التي تشهد على تاريخه العريق كمركز لتقاطع الحضارات والأمم التي مرت عبره، ولذلك يعتبر الإرث التاريخي التراثي واحدا من أقوى الموارد السياحية في الأردن».

الآثار.. الشاهد على التاريخ

موضحاً «تعتبر الآثار الشاهد على التاريخ الحافل لهذه المنطقة وتعطي صورة مميزة عن كنز لا يضاهى، حيث وجدت في الأردن آثارا تعود للعصور الحجرية، والبرونزية والرومانية والبيزنطية، والإسلامية، والعثمانية، وقد قامت هذه الحضارات على أرض الأردن، وهي حضارات مهمة وتتابع تاريخي تسجله تلك البقايا المادية سواء القائم منها على ظهر الأرض، أو الكامن في باطنها، أو محفوظ في المتاحف والمخازن الأثرية، وتشكل الاعتداءات على المواقع الأثرية في الأردن ظاهرة سيئة، بعد أن تعددت حالات سرقتها وتخريبها من قبل أفراد وجماعات تحاول التنقيب أو النبش عن الذهب والكنوز والدفائن، وتعد المواقع الأثرية والتراثية في الأردن الخريطة الجغرافية للقطاع السياحي القطاع الذي يعتبر بدوره من أبرز القطاعات الاقتصادية وأكثرها نمواً وأهمية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، ورغم الجهود التي تبذل من قبل الجهات الرسمية، وخاصة دائرة الآثار العامة الأردنية لحماية المواقع الأثرية، فإنها لا تزال قاصرة عن حماية المواقع وتحصينها ضد الاعتداءات البشرية، إضافةً الى العوامل الطبيعية، من نحت وتعرية تؤدي إلى تحطم وتدمير الآثار».

مؤكداً: «هناك العديد من المواقع الأثرية تم الاعتداء عليها وسرقة ما فيها وتخريبها في وضح النهار وتحت أعين ومرأى بعض المواطنين، وتوجد العديد من قضايا التنقيب غير المشروع والاعتداء على المواقع الأثرية، وللمحافظة على المواقع الأثرية في الأردن وضع حد للاعتداء لا بد من دور مهم لوسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والثقافية في تنمية الوعي الأثري، والوعي الأثري هو نقطة البداية في العمل الأثري، ولا بد أيضاً من إنشاء دراسات خاصة لخريجي الآثار، حول المواقع الأثرية في الأردن وكيفية المحافظة عليها والتصرف بالمقتنيات الأثرية، وخاصةً أن قضايا الآثار أمام المحاكم تأخذ سنوات حتى يتم البت بها، علماً أن قانون الآثار لسنة ١٩٨٨م، والمعدل المؤقت لعام ٢٠٠٢م يجرم كل من يقوم بالتنقيب عن الآثار، ويتاجر فيها.

هموم وشجون الآثار

وشدد الدكتور محمد النجار من الشام على مناقشة وهموم وشجون الآثار، قائلاً في ورقته إن ١١ ألفا وسبعمائة سنة من الآن هي الفترة المشهورة في بلاد الشام وبها وضع الإطار الجغرافي، إذ تشكل بدايات الاستقرار للمجتمعات البشرية وهي فترة مهمة في فهم تطور المجتمعات البشرية المتطورة، ومن العمارة ندرس التغيرات الاجتماعية التي حصلت في تلك الفترة، وخاصة أنها تجسد طرق الإنتاج العمل الاجتماعي، كما أن فترة العصر الحجري بدأت بقوة، والزراعة ليست شرطاً مسبقاً للاستقرار، فالاستقرار بدأ قبل الزراعة.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة