الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٥ - السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٩ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

في الصميم

ما لنا.. لم يعد يعجبنا العجب..؟





ما لنا لم يعد يعجبنا العجب ولا الصيام في رجب.. يا حسرةٌ علينا.. لم يعد بمقدورنا أن ننطق بكلمة الحق ولو كانت على أنفسنا كما كان يفعل العظماء من قبلنا.. ننتقد الناس ونتجاوز في نقدنا إلى درجة التجريح وتسميم البدن.. ولكن إذا مارس أحد حقه في النقد تجاه الآخرين فإنهم يقيمون الدنيا عليه ولا يقعدونها.. فحرية النقد مباحة طالما هي تهين الآخرين وتصوب عيوب الدنيا ومآخذها نحوهم.. ولكنها تبقى محرمة تحريما قطيعا عندما توجه إليهم هم.. حتى وإن ظلت في حدود النصيحة الصريحة!

فعندما نكون أمام نموذج جديد من الوزراء.. يفتح قلبه للمواطنين.. ويمارس النقد الذاتي على نفسه وعلى مهمته ودوره.. فإنه لا يعجبنا.. ونصوب سهامنا نحوه في غير ما عدل ولا رحمة.. وكل ذلك عبر اصرار بغيض نصرّ من خلاله على أن نكون ظالمين ومفترين!

وزير الإسكان باسم الحمر أراد أن يفتح قلبه للمواطنين.. ويكون غاية في الصراحة معهم.. ويضع ملف القضية الإسكانية بين أيديهم.. ماضيها وحاضرها ومستقبلها.. مفضلا أن يقول كل ما له وكل ما عليه، حتى ولو كان ما سيقوله موجعا ومؤلما وباعثا على الحسرة.

قرر الوزير باسم الحمر أن يضع ملف الإسكان كاملا بين أيدي المواطنين.. وهم أصحاب القضية من دون غيرهم.. وذلك من خلال (٤) حلقات أسبوعية.. ولكن للأسف الشديد فوجئ الوزير - وعقب نشر أول حلقة - بعاصفة من النقد الجارح توجه إليه وإلى الحكومة التي يؤدي دوره من خلالها.. أشعروه أنه ارتكب جريمة مستنكرة، وحملوه تبعات القضية كاملة منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها.. ووصل الأمر إلى حدود التجريح والتطاول وإلى الدرجة التي جعلت الرجل يفكر في وقف نشر الحلقات الثلاث المتبقية.. التي كان هدفه من ورائها إشراك المواطنين بالكامل في حمل هذا العبء أو هذا «الهم الثقيل معه».. وعلى أمل أن ينال منهم سديد الرأي والمشورة الخالصة قالوا: وقالوا الكثير.. قالوا: ألم يخجل الوزير من ذكر أن عدد الطلبات الإسكانية المتراكمة قد تجاوز (٥١) ألف طلب.. وأن فترات الانتظار لتحقيق بعض الطلبات قد وصلت إلى (١٨) عاما؟ .. ولم يقفوا عند حد القول بل ساوموا مدعين ومبالغين قائلين إن الطلبات المتراكمة وصلت إلى (١٠٠) ألف طلب.. وأن مدد الانتظار قاربت الـ «٣٥» عاما.. واستخفوا القول بأن الحكومة قد أنفقت ٢,٨ مليار دينار بحريني حتى الآن على خدمات الإسكان للمواطنين.

الوزير باسم الحمر أراد أن يمارس النهج العلمي في عرض القضية برمتها.. مبتدئا بتقديم الماضي بكل تفاصيله.. ومصورا ما جرى عبر مسيرته بالكامل.. وصولا إلى الحاضر بمره وحلوه.. وكل ذلك حتى يصل إلى نقطة الحديث عن الجهود التي تبذل الآن من أجل المستقبل.. وأن يعايش المواطنون معه كل دقائق المسيرة وأن يتابع الجميع خطوات الانجاز المستقبلية بفهم ووعي كاملين.. وأن المجال مفتوح أمام الجميع للمشاركة بالآراء الناجعة وبالنقد الهادف.. ولكن البعض سارعوا وأمطروه بالتجريح وتثبيط الهمم.. ولم يمهلوه حتى يكمل ما أراد.. ولم يتركوه حتى يقول ما كان يتمنى.. وقالوا ما قالوه في أسلوب هو و«الهمجية» سواء..!

وعلى فكرة الوزير باسم الحمر ليس من الوزراء الذين لي علاقات مباشرة معهم.. فلم التقي معه لا بعد أن حمل حقيبة الإسكان ولا حتى قبلها.. ولكني أراه من أفضل وزراء الإسكان الذين توالوا على حمل حقيبة هذه الوزارة الخدمية المستهدفة.. وقد نال من السادة النواب شهادات اعجاب وثناء ومباركة لدوره وأدائه ما لم ينله وزير من قبله.. وقد أبلغوه صراحة انهم سيتعاونون معه.. وإلى ما لا نهاية.

ولكن ماذا نفعل.. والبعض يصرّ على أن يكون «همجًا» إلى الدرجة التي قالوا معها: ان مثل ما قاله الوزير، لو كان قد قاله وزير إسكان في دولة أخرى.. فإن ما قاله كفيل بأن يقيل وزارات وحكومات.. قولوا بالله عليكم ماذا يفعل؟.. وقبل ان تجيبوا عن سؤالي أقول للجميع ليس بمثل هذه الطريقة «الهمجية» تتقدم الشعوب أو تنتصر على مشاكلها.

}}}

لست أدري لماذا شعرت بسعادة غامرة عندما أبلغني الأستاذ أنور عبدالرحمن قائلا: علينا أن نبادر بزيارة مجلس سماحة الشيخ عبدالحسين العصفور.. فقد وجدني مرحبا على الفور.. وشاكرا له مبادرته.. وعندما كنا موجودين بمجلس سماحته العامر حاولت أن أستشف سبب هذه السعادة التي تغمرني دائما كلما زرت هذا المجلس على وجه الخصوص.. وقد زرته كثيرا عبر السنوات الماضية.. لاحظت ابتسامات صافية ونادرة على وجه هذا الرجل.. وعلى وجوه كل أبنائه.. يحرصون على أن يستقبلوك بها ويواصلوا نشر أريجها من حولك حتى يصحبوك مودعين إلى خارج المجلس.

الأهم من ذلك انني لاحظت أيضا ان هذا الصفاء وهذه المشاعر الطاهرة تفيض بحب الوطن وقادته من خلال حواراتهم.. وأجد نفسي دائما وأنا أعايش هذه النماذج الوطنية والأسرية المشرفة، أتمنى لو أرى كل العائلات النافرة على هذه السجايا.. والوطنية الخالصة.

















.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة