الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٥١ - الاثنين ١٦ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٢ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

الملك يفي بما وعد شعبه به.. ويعلن:
تعديلات دستورية تفتح أبوابا واسعة للديمقراطية





وجه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى خطابا ساميا إلى المواطنين أمس.. تضمن الخطاب التاريخي خطوات مهمة تفتح أبوابا واسعة أمام الديمقراطية وتطور ممارساتها كي تبني عليها أجيال المستقبل للوصول الى آفاق جديدة.

أوفى جلالته من خلال خطابه بما وعد به شعبه الوفي، فقرر إحالة تعديلات دستورية مهمة الى مجلسي النواب والشورى من خلال مرسوم ملكي يصدره جلالته قريبا.. بحيث تترجم هذه التعديلات ما ورد في مرئيات الحوار الوطني لتفتح أمام ديمقراطية البحرين آفاقا جديدة، وتجسد حرص جلالته على استقرار الوطن ووحدة أبنائه، وتحقيق آمال الشعب.

تضيف التعديلات الدستورية مزيدا من التنظيم في العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بما يحقق مزيدا من التوازن بينهما، وتأتي بضمانات جديدة تطبق عند استخدام الحق في حل مجلس النواب بالنص على أخذ رأي رئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة الدستورية بعد أن كان هذا الحق مقصورا على الملك ورئيس مجلس الوزراء، وجاءت التعديلات بضوابط جديدة لاختيار أعضاء مجلس الشورى، وزيادة المدة المقررة للسلطة التشريعية للبت في مشروعات القوانين الاقتصادية بصفة مستعجلة، وإعداد الميزانية العامة للدولة من قبل المجلسين بطريقة أيسر.

ونصت التعديلات الدستورية أيضا على تفعيل الإرادة الشعبية في تشكيل الحكومة عن طريق برنامجها حيث انه في حالة إقراره تكون الحكومة قد حازت ثقة المجلس. وتعزز التعديلات الدور الرقابي لمجلس النواب ليقوم به المجلس منفردا، ويكون للمجلس الحق أيضا في تقرير عدم إمكان التعاون مع الحكومة، وله حق طرح موضوعات عامة للمناقشة، وتقرير حق مجلس النواب مجتمعا في مناقشة الاستجوابات التي توجه الى الوزراء، ومنح رئيس مجلس النواب أولوية رئاسة المجلس الوطني وإحالة مشروعات القوانين التي يوافق عليها المجلسان الى رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ اجراءات اصدارها.

ومن خلال الخطاب السامي دعا جلالته إلى أن تتوازى مع هذه الخطوة المفصلية خطوات أخرى لا تقل أهمية لتعزيز ثقافة الديمقراطية وممارستها، وأن يحترم الجميع القانون، وخاصة عندما يرتبط ذلك بمبدأ التعايش المشترك والتسامح والألفة والمحبة، مؤكدا أن الاصلاح الدستوري والسياسي لا يتم أو يتواصل من فراغ، وانما يرتبط ارتباطا موازيا ووثيقا بالاصلاح الاقتصادي وجهود التنمية، وباصلاح اجتماعي يرعى مصالح أبناء هذا الوطن كافة.

(التفاصيل)

وجه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى صباح أمس خطابا ساميا إلى المواطنين تضمن تقديم مزيد من المكتسبات التاريخية على طريق الممارسات الديمقراطية واستمرارية المشروع الاصلاحي والحفاظ على مكتسبات الميثاق.. كما جسد الخطاب أهم مرئيات حوار التوافق الوطني التي عبرت عن ارادة جميع المواطنين على ارض الواقع.

أعلن جلالته استخدام صلاحياته في اقتراح ادخال تعديلات مهمة وجوهرية على الدستور وبما يفتح آفاقا واسعة جديدة أمام الديمقراطية انطلاقا من حرص جلالته على استقرار الوطن ووحدة أبنائه وتحقيقا لآمال الشعب ومراعاة للمصالح العليا للوطن وجميع أبنائه.

تضمنت التعديلات اعطاء صلاحيات جديدة ومهمة لمجلسي الشورى والنواب من حيث استخدام الحق في حل مجلس النواب وتفعيل دور المجلسين في إعداد الميزانية العامة للدولة وتجسيد الارادة الشعبية في تشكيل الحكومة عن طريق برنامجها، وتعزيز الدور الرقابي لمجلس النواب بما يؤدي الى قيام المجلس بهذا الدور منفردا، وانفراده ايضا بحق تقرير عدم امكان التعاون مع الحكومة واعطاء رئيس مجلس النواب اختصاص احالة مشروعات القوانين التي يتم الموافقة عليها من المجلسين الى رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ اجراءات اصدارها، كذلك منح أولوية رئاسة اجتماعات المجلس الوطني لرئيس مجلس النواب.

وأكد جلالة الملك من خلال خطابه التاريخي ان هذه الخطوات التي أعلنها جلالته ستفتح أبوابا واسعة أمام الديمقراطية.. مؤكدا أن البحرين تجتاز اليوم مرحلة مهمة في تاريخها مشيرا الى أن الاصلاح الدستوري والسياسي لا يتم أو يتواصل إلا عندما يرتبط موازيا ووثيقا مع الاصلاح الاقتصادي وجهود التنمية.

نص الخطاب السامي

وفيما يلي نص الخطاب السامي الذي وجهه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى إلى المواطنين أمس:

بسم الله الرحمن الرحيم

المواطنون الكرام،،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

يطيب لنا أن نتحدث إليكم اليوم، ونحن نمضي قدماً في طريق التطوير، لتضيف البحرين إلى مكتسباتها مزيداً من المكتسبات، بما فيه خير بلدنا الغالي ومصلحة أبنائه الكرام، مستعينين بالله سبحانه وتعالى، ومتمسكين بقيم التسامح والعيش المشترك في ظل شرع الله وعاداتنا العربية، وهي القيم التي تربينا عليها جميعا، فكانت لنا على مر الأزمان درعا واقيا ضد نزعات التعصب والطائفية.

لقد أثبت شعبنا الوفي أن إرادته قد اتجهت عبر كل الأحداث إلى استمرارية المشروع الإصلاحي، والحفاظ على مكتسبات الميثاق والدستور، ودفع عجلة التقدم عن طريق مؤسساته الدستورية، واليوم نستكمل المسيرة مع كل من لديه رغبة وطنية صادقة في مزيد من التقدم والإصلاح بكافة صوره سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية، انطلاقاً من قناعاتنا المشتركة التي تعي روح العصر وتلبي التطلعات المشروعة لكافة أبناء الوطن، وبما يحقق مزيدا من التطور الذي يتفق مع الأسس الديمقراطية السلمية.

الاخوة والأخوات،،

لا شك أن مرئيات حوار التوافق الوطني الذي وجهنا السلطتين التنفيذية والتشريعية للدعوة إليه، دونما شروط مسبقة، وشاركت فيه مختلف قطاعات مجتمعنا بكل تصميم للمضي قدماً وبكل إدراك وإيمان بمبدأ العمل الوطني الذي يشمل الجميع، قد شكلت ملامح الإصلاح الذي نحن بصدده، والنابع من القاعدة الصلبة لتجربتنا الوطنية، التي أرسى دعائمها الإجماع التاريخي على ميثاق العمل الوطني .

وعليه وفي إطار صلاحياتنا في اقتراح تعديل الدستور ووفاء لما وعدنا به، فسوف نحيل لمجلسي النواب والشورى بطلب التعديلات الدستورية بناءً على ما ورد في مرئيات الحوار الوطني من خلال مرسوم ملكي سنصدره لاحقاً. ويأتي هذا الطلب في فلسفته ومنطلقاته ليفتح أمام ديمقراطيتنا آفاقا جديدة، مستندة إلى المرئيات التي أسفر عنها حوار التوافق الوطني، وفي ضوء حرصنا على استقرار الوطن ووحدة أبنائه وتحقيقاً لآمال الشعب ومراعاتنا للمصالح العليا للوطن وأبنائنا جميعاً في حاضرهم ومستقبلهم تطويراً لديمقراطيتنا وبرامجنا السياسية.

الاخوة والأخوات،،

لقد جاءت مقترحات التعديل بمزيد من التنظيم في العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بما يحقق مزيدا من التوازن بينهما، فأضافت ضمانات جديدة تطبق عند استخدام الحق في حل مجلس النواب وذلك بالنص على أخذ رأي رئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة الدستورية بعد أن كان ذلك مقصورا على ما يتفق فيه الملك مع رئيس مجلس الوزراء. وتضمنت بالنسبة لتعيين أعضاء مجلس الشورى، أن يصدر الملك أمرا ملكيا سابقا على أمر تعيينهم يحدد فيه الطريقة والإجراءات والضوابط التي تحكم عملية اختيار الأعضاء.

وتفعيلا لدور المجلسين في إعداد ميزانية الدولة وسن التشريعات، اتجهت التعديلات المقترحة إلى زيادة المدة المقررة للمجلس الوطني وجناحيه الشورى والنواب للبت في مشروعات القوانين التي تنظم موضوعات اقتصادية إذا طلبت الحكومة نظرها بصفة مستعجلة. كما اتجهت إلى تفعيل دور الجهة المختصة بمهام إعداد التشريعات لوضع اقتراحات التعديلات الدستورية واقتراح القوانين في صيغة مشروع تعديل للدستور أو مشروع قانون، وتحديد مدة زمنية لإحالة هذه المشروعات إلى المجلس الذي ورد منه الاقتراح. وأتاحت هذه التعديلات للمجلسين إعداد الميزانية العامة للدولة بطريقة أيسر، بما يمكّن من العمل بالميزانية الجديدة في بداية السنة المالية، وبما لا يسمح بإصدار الميزانية لأكثر من سنتين ماليتين.

واتفاقا مع ما انتهى إليه حوار التوافق الوطني اتجهت هذه التعديلات الدستورية إلى تفعيل الارادة الشعبية في تشكيل الحكومة عن طريق برنامجها حيث يتم مناقشة البرنامج الذي تقدمه الحكومة لمجلس النواب بعد أدائها اليمين الدستورية، لإقرار هذا البرنامج أو عدم إقراره، وفي حالة إقراره تكون الحكومة قد حازت على ثقة المجلس. كذلك عملت التعديلات المقترحة على تعزيز الدور الرقابي لمجلس النواب بما يؤدي إلى قيام المجلس بهذا الدور منفردا، فقررت انفراد هذا المجلس بحق تقرير عدم إمكان التعاون مع الحكومة، وحق طرح موضوع عام للمناقشة، كما حرصت هذه التعديلات على إضافة ضمانات جديدة لتحقيق مشاركة مجلس النواب مجتمعا عند مناقشة الاستجوابات التي توجه إلى الوزراء، وتحديد فترة زمنية لإبداء الحكومة أسباب تعذر الأخذ بالرغبات التي يبديها هذا المجلس، وذلك بالإضافة إلى ما يختص به هذا المجلس في ظل الدستور بالنسبة للاستجواب وسحب الثقة من الوزراء وتشكيل لجان التحقيق.

وإذا كان الدستور قد أعطى لرئيس مجلس الشورى الاختصاص بإحالة مشروعات القوانين التي يتم الموافقة عليها من المجلسين إلى رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ إجراءات إصدارها، كما منحه أولوية رئاسة اجتماعات المجلس الوطني، فإن التعديلات قد منحت رئيس مجلس النواب هذه الاختصاصات وهذه الأولوية.

الاخوة والأخوات،،

إنني على ثقة تامة من أن السلطة التشريعية ستنهض بمسئولياتها الدستورية، كي تخرج هذه التعديلات محققة لما توخاه حوار التوافق الوطني. كما أن الخطوة التاريخية التي نخطوها اليوم تفتح أبوابا واسعة أمام الديمقراطية وتطوير ممارستها، كي تبني عليها أجيال المستقبل للوصول إلى آفاقٍ جديدة .

ولا يفوتني في هذا المقام أن أؤكد على أن الديمقراطية ليست مجرد نصوص وأحكام دستورية وتشريعية، فالديمقراطية ثقافة وممارسة، والتزام بحكم القانون، واحترام للمبادئ الدولية لحقوق الإنسان، مقترنة بعمل سياسي وطني جاد يمثل كافة أطياف المجتمع دون إقصاء أو محاصصة .

وإنني أدعو لأن تتوازى مع هذه الخطوة المفصلية التي نخطوها اليوم خطوات لا تقل أهمية لتعزيز ثقافة الديمقراطية وممارستها على أرض وطننا الغالي، كما نهيب بكافة فئات المجتمع - القبيلة، العائلة، الأسرة - أن تعمل جميعا على أن يلتزم أبناؤها باحترام القانون، وهي مسئولية يجب أن يتحملها الجميع، وخاصة عندما يرتبط احترام القانون بمبدأ التعايش المشترك والتسامح والألفة والمحبة.

إننا نجتاز اليوم مرحلة هامة من تاريخ البحرين، والإصلاح الدستوري والسياسي لا يتم أو يتواصل في فراغ وإنما يرتبط ارتباطا موازيا ووثيقا بالإصلاح الاقتصادي وجهود التنمية، وبإصلاح اجتماعي يرعى مصالح كافة أبناء هذا الوطن.

سنمضي معا في هذه المرحلة لتحقيق كل ذلك بعزم وثبات، داعين الله العلي القدير أن يحفظ بلادنا وأمننا واستقرارنا ويبارك خطانا ويديم وحدة كلمتنا، إنه سميع الدعاء.

حفظ الله البحرين وأهلها الكرام وأمدنا بعونه وتوفيقه ورعايته، إنه نعم المولى ونعم النصير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة