قراءة في خطاب الملك.. الأبعاد والدلالات
مناقشة برنامج الحكومة أمام البرلمان سيؤدي إلى تفعيل الإرادة الشعبية
 تاريخ النشر : الاثنين ١٦ يناير ٢٠١٢
كتب ـ محمد شحات
جاءت الكلمة التي ألقاها العاهل المفدى امس والتي أحال فيها مرئيات الحوار الوطني بشأن التعديلات الدستورية إلى البرلمان لمناقشتها، لتؤكد الكثير من الدلالات:
أولها: أن النهج الإصلاحي الذي اختطته القيادة الرشيدة ووضعته نبراسا لرؤيتها منذ نحو عقد من الزمان سيواصل تقدمه ولن يتوقف بما يتوافق مع التطلعات المشروعة لأبناء الوطن الرامية إلى تحقيق المزيد من التطور وبناء مجتمع قوي يواكب مسارات التقدم الديمقراطي المحققة في دول العالم المختلفة.
ثانيها: أن الهدف الرئيسي الذي يشغل بال القيادة الرشيدة من إطلاق هذه المبادرات، كان ولا يزال إعادة اللحمة الوطنية إلى سابق عهدها وتجسيد المصالحة الحقيقية على أرض الواقع، ومن ثم تلبية احتياجات المواطنين، المعنوية منها قبل المادية، وتأكيد أن أية ممارسات غير قانونية أو مطالبات غير مشروعة لن تقف حجر عثرة أمام مواصلة المسيرة الإصلاحية للعاهل المفدى.
ثالثها: أن هناك حاجة إلى البدء فعليا والشروع في تبني الخطوات الضرورية لاستكمال المشروع الوطني في البناء والتقدم على كل المسارات والمستويات، وخاصة أن هناك من الدوافع والبواعث ما يوجب التحرك بسرعة للاستجابة لكل ما يأمله المواطنون وقوى المجتمع من طموحات، ولاسيما في مواجهة أولئك الذين يحاولون جر البلاد إلى الوراء والانتقاص من الإنجازات التي تحققت طوال العقود السابقة من العمر المديد للبحرين.
رابعها: أن المبادرة الملكية السامية تأتي لتؤكد الثوابت والأركان التي تقوم عليها المملكة في توجه الحاكم ناحية الشعب، وتستند إليها القيادة الرشيدة في تحركاتها الإصلاحية، وأهمها: سيادة القانون واستقلالية القضاء ودور المؤسسات الدستورية القائمة في مواصلة ما تم الشروع فيه منذ أمد لإيجاد نموذج إيجابي فاعل للعلاقة بين الدولة والمجتمع، وأنه لا سبيل أمام المغرضين للتشكيك في أي من هذه الثوابت أو التقليل منها.
خامسها: أن المبادرة الملكية السامية تجيء لتكلل بنجاح العديد من المبادرات والتحركات التي ظهرت في الساحة البحرينية خلال الفترة الأخيرة بشأن المصالحة وإطلاق مرحلة جديدة من التاريخ الزاهي للمملكة، وخاصة أن المبادرة تكرس ما حققته الدولة من تقدم ملموس على صعيد اجتياز تداعيات الأحداث، في إشارة إلى النجاحات المتعلقة بتشكيل لجنة متابعة تنفيذ التوصيات الواردة في تقرير تقصي الحقائق وإعادة تشكيل بعض أجهزة الأمن ومراجعة جميع أحكام السلامة الوطنية وغير ذلك الكثير.
وإذا كانت القيادة الرشيدة، بعد الخطاب الملكي الأخير، لم تدخر جهدا في اتخاذ ما يلزم من إجراءات أسهمت في الارتياح الشعبي الحاصل وإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح، وخاصة أنها طالبت بأن تتلو خطوتها خطوات أخرى لتعزيز الديمقراطية، فإن قوى المجتمع البحريني ورموزه مطالبون الآن ـ قبل أي وقت آخر تبعا للتوجهات السامية ـ بالقيام بالدور المنوط بهم على طريق تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة بين أبناء المملكة، ولا يتطلب ذلك سوى حشد الرأي العام بكل فعالياته وطاقاته لإعادة التوافق بين القوى المختلفة مع التوجه السامي الداعم لذلك.
ولا شك أن كل ذلك يبعث على الأمل بحاضر مزهو بالفخر للبحرين وبغد أكثر إشراقا لمواطنيها، ولاسيما إذا ما تم التدقيق في توجهات ومفردات الكلمة الملكية السامية، حيث أُشير إلى العديد من القضايا التي تمثل نقاطا جوهرية يجب الاهتمام بها والالتفات إليها والعناية بها، وتمثل في واقع الأمر إضافات سياسية لسجل المملكة الحافل بالإنجازات، ولعل ما يؤكد ذلك:
١- سوف تسهم مقترحات التعديلات الدستورية المحالة إلى البرلمان في المزيد من التنظيم في العلاقة بين السلطتين، التنفيذية والتشريعية، بما يحقق مزيدا من التعاون والتوازن بينهما، وهي سمة من أبرز سمات وخصائص النظم السياسية الديمقراطية والملكيات الدستورية القائمة، حيث تعطي هذه الخاصية لكل من السلطتين الحيز المناسب لكي تمارس صلاحياتها بعيدا عن التداخلات، وبما يضمن أن لكل منها دوره في بناء المجتمع واستقراره.
٢ ـ توفير ضمانات إضافية عند استخدام الحق في حل مجلس النواب باعتباره الغرفة الثانية المنتخبة للمجلس الوطني، حيث أشار الخطاب السامي إلى ضرورة الاستنارة برأي رؤساء مجلسي الشورى والنواب والمحكمة الدستورية بعد أن كان ذلك مقصورا على اتفاق بين الملك ورئيس الحكومة، وهي ضمانة مهمة ستحد بدرجة كبيرة من فكرة عدم الاستقرار النيابي التي تشكل إحدى ثغرات بعض النظم السياسية.
٣ ـ طريقة اختيار وتعيين أعضاء مجلس الشورى، وهي تشكل إضافة جديدة للنظام الديمقراطي بالمملكة ومسار تطوره الإصلاحي، فبعد أن كان يتم تعيين أعضاء المجلس مباشرة بأمر ملكي من الأكاديميين والمتخصصين وأهل الخبرة الذين تذخر بهم البحرين، فإنه يتعين الآن أن يصدر أمر ملكي يسبق أمر تعيينهم بحيث تُحدد فيه الطريقة والإجراءات والضوابط التي تحكم عملية اختيار الأعضاء، وذلك بهدف تحقيق المزيد من المشاركة في ذلك وضبط وتقنين عملية اختيارهم.
٤ـ تطوير الدور الرقابي للمجلس الوطني بغرفتيه عند النظر في إعداد ميزانية الدولة، حيث زيدت المدة المخصصة له للبتّ في مشروعات القوانين التي تنظم موضوعات اقتصادية إذا طلبت الحكومة نظرها بصفة الاستعجال، وهو ما سيسهم بالتأكيد في تفعيل الدور البرلماني للمجلس في الرقابة، بما يمكّن من العمل بالميزانية الجديدة في بداية السنة المالية، وبما لا يسمح بإصدار الميزانية لأكثر من سنتين ماليتين، مثلما أشارت إلى ذلك الكلمة الملكية السامية.
٥ ـ كيفية وضع اقتراحات التعديلات الدستورية موضع التطبيق الفعلي وطريقة إحالتها إلى الجهة المختصة لسرعة مناقشتها وإقرارها، إذ بات ميسورا الآن طرح مقترحات تخص أعلى القوانين شأنا، وهو الدستور، بعد أن كان يتطلب ذلك الكثير من الإجراءات المطولة، كما تم تحديد مدة زمنية لإحالة هذه المقترحات الخاصة بالأمر إلى المجلس الذي وردت منه، وهو ما سيسهم في تيسير وتسريع عجلة النظر في التعديلات الدستورية مستقبلا وإقرارها.
٦ ـ مناقشة البرنامج الحكومي أمام مجلس النواب بعد أن تؤدي الحكومة اليمين الدستورية، وهو ما سيؤدي إلى زيادة وتفعيل دور الإرادة الشعبية في تشكيل الحكومة، إذ سيكون بمقدور ممثلي الأمة مناقشة البرنامج، ومن ثم سيكون متاحا لهم حق الإقرار من عدمه لأي من مفردات هذا البرنامج والخطط والميزانيات التي تتضمنه، الأمر الذي يكفل تحقيق فائدة مزدوجة: للنواب من جهة باعتبار أن خطط العمل التنفيذية متفق عليها شعبيا، وللحكومة من جهة أخرى باعتبارها تعمل وسط دعم ورضاء شعبي يمنع من إمكانية التنازع، إذ يعني إقرار البرنامج الحكومي أن الوزراء حازوا ثقة المجلس الوطني.
٧ ـ دعم دور مجلس النواب للقيام منفردا بحق تقرير عدم إمكان التعاون مع الحكومة، وهو الحق الموازي في بعض الدول لحق سحب الثقة، وكذلك دعم دوره في الحق بطرح موضوع عام للمناقشة بعد أن كان غير متاح لأعضاء المجلس، وفي ذلك دلالة على الدور المتعاظم الذي ستوليه التعديلات الدستورية لأعضاء المجلس المنتخبين.
٨ ـ كفالة حق أعضاء مجلس النواب مجتمعين في المشاركة في الاستجوابات التي قد توجه للوزراء، وإلزام الحكومة خلال فترة زمنية محددة بإبداء أسباب تعذر الأخذ بالرغبات التي يبدونها، وهو ما سيضاف إلى الأدوات الرقابية الأخرى التي يحق للمجلس اللجوء إليها عند مناقشة الحكومة سواء كانت أسئلة أو لجان تحقيق أو غير ذلك.
٩ ـ منح أولوية لرئيس مجلس النواب - وليس لرئيس مجلس الشورى مثلما كان معمولا به قبل التعديلات - سلطة ترؤس اجتماعات المجلس الوطني وسلطة إحالة مشروعات القوانين إلى رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ إجراءات إصدارها بعد الموافقة عليها من المجلسين، وهو ما يعطي بالتأكيد ثقلا أكبر للمجلس المنتخب في الحياة السياسية خلال الفترة المقبلة.
وأخيرا، لا يمكن إلا التأكيد أن التعديلات المقترحة تلك بكل ما ستفرزه من مناقشات وردود أفعال، ستفتح آفاقا جديدة أمام الديمقراطية البحرينية، وستتيح للبرلمان الوطني القيام بدوره المنوط به كبوتقة تنصهر فيها وتخرج منها المطالب الشعبية بما ينهض بمسؤوليات كل القوى، ويدفع عجلة التقدم انطلاقا من القناعة بأن الوطن بمقدوره أن يستوعب الجميع شريطة أن ينخرطوا في كل ما يسهم في رفعته ونهضته.
.
مقالات أخرى...
- تعديلات دستورية تفتح أبوابا واسعة للديمقراطية
- دعم الدولة وإسنادها للفنان البحريني
- خطة استراتيجية لزيادة المساحات الخضراء بالمملكة
- خطوات البحرين لإعادة الاستقرار شجاعة ورائدة
- وزير الطاقة ينوه بمشاركة الشركات النفطية في معرض الحدائق
- السكن هو العتبة الأولى في سلم الحياة الكريمة
- نائب قائد القوات الجوية الروسية يزور قاعدة الصخير الجوية
- رئيس الوزراء يؤكد أهمية تفعيل التضامن العربي وتعزيز وحدة المواقف
- التغيير سنة الحياة وإنه حاصل ولا يجوز مقاومته بل التعاطي معه
- وزير الخارجية يبحث مختلف القضايا مع أمين عام الجامعة العربية
- وزير «التربية» يبحث مع الخبراء تعزيز تدريس اللغة العربية
- «الأشغال» تنفذ تصميمًا جديدًا لبوابة الهاتف النقال
- «خدمات النواب» تقر تشكيل لجنة وطنية لمكافحة الأمراض الوراثية
- دروس إضافية للمتميزين في اللغة الفرنسية
- النائب سوسن تقوي تقترح تعديل قانون الجنسية
- نخبة من الأكاديميين والمثقفين يقيمون مسيرة المركز على مدى ١٠ سنوات
- «الجنوبي» يضع اشتراطات ومعايير الترخيص للحظائر
- إغلاق ملف المفصولين نهائيا نهاية يناير الجاري
- «تمكين» تضع خطة لتنفيذ برامج لتمكين المرأة اقتصاديا
- صندوق التعليم البحري يبدأ حملة توعوية وسط الشباب
- النائب زايد يسأل الوزيرة البلوشي عن إنشاء مستشفى بالوسطى
- تغيير مسمى شارع «أرادوس» إلى المسمى التاريخي ريَا
- «مركز الدراسات» و«الخليج للأبحاث» يوقعان مذكرة تفاهم
- سفير مملكة البحرين لدى السعودية يقيم مجلسه الشهري
- إيقاف التعامل مع «طيران الخليج» قرار إداري له أسباب كثيرة
- وزير الصناعة يلتقي عددا من المصنعين الصينيين
- تجمع الوحدة الوطنية يثمن ما تضمنه خطاب الملك
- «التنمية السياسية» يصف التعديلات الدستورية بالنقلة النوعية
- القائد العام يطلع على التحضيرات النهائية لفعاليات «معرض الطيران»
- وزير العدل: مضامين الخطاب الملكي حددت خريطة وآفاق العمل السياسي والإصلاحي
- كتلة المستقلين: الخطاب الملكي تعزيز للإصلاح السياسي
- نواب وشوريون يؤكدون أن خطاب عاهل البلاد المفدى يشكل علامة فارقة ونقلة على طريق مسيرة الإصلاح
- أمين عام مجلس التعاون يشيد بمضامين الخطاب الملكي
- ولي العهد يرعى حفل تكريم داعمي مركز الشيخ إبراهيم
- عامل مطعم يحول ٨٠٠ مليون ريال إلى الخارج
- قروية مغربية تضع مولودها على متن دراجة نارية
- رجل يفجر منزل والد مطلقته بالقنابل
- الملك يؤكد دعم البحرين لكل تحرك يهدف إلى خير الأمة العربية
- ويقول: حرية التعبير السلمي مكفولة للجميع بحيث لا تتعارض القوانين