الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٧ - الاثنين ٣٠ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١١ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

«أخبار الخليج» زارت «جو» ودخلت إلى الزنازين والعنابر
حقيقة ما يحدث في دار الإصلاح والتأهيل في «جو»









ما هي حقيقة ما يحدث في دار الإصلاح والتأهيل في «جو»؟، هل صحيح أن نزلاء يعيشون بلا مكيفات في هذا الحر القائظ؟ وهل يحرم النزلاء من حقوقهم الدينية، ومن الرعاية الصحية، ومن الحصول على وجبات طعام مناسبة في الأيام العادية بوجه عام، وخلال شهر رمضان بوجه خاص؟ وهل صحيح أنه يتم توزيع وجبة الإفطار على النزلاء قبل آذان المغرب بست ساعات؟

«أخبار الخليج» زارت دار الإصلاح والتأهيل في جو، وتجولت بين المباني، ودخلت إلى الزنازين، وقاعات العبادة والمطاعم والعيادة والورش، ورأت على الطبيعة ما يحدث هناك.

يستطيع أي إنسان أن يردد الشائعات والأكاذيب كما يريد وهو يجلس بعيدا، وربما يجد من يصدقه، لكن من يريد أن يتعرف على الحقيقة فليذهب إليها ويبحث عنها، حتى لو كانت درجة الحرارة تناهز الثامنة والأربعين، في يوم مثل أمس.

داخل المبنى رقم ٤

اخترنا أن تكون بداية الزيارة من المبنى رقم ٤، وهو المبنى الذي انطلقت حوله الشائعات مؤخرا، وخاصة شائعة أن النزلاء يعيشون من دون مكيفات خلال هذا الشهر، وقبل أن ندخل عرفنا أن هذا المبنى هو أكبر مباني دار الإصلاح والتأهيل، وبه عدد من المسجونين على ذمة قضايا الشغب والتجمهر، وربما كان هذا هو السبب الحقيقي من إطلاق هذه الشائعات، وقد أدركنا بالفعل هذا بمجرد أن طلب النقيب جاسم الملا القائم بأعمال مركز وإصلاح وتأهيل النزلاء فتح الباب الرئيسي للمبنى، فقد وجدنا درجة الحرارة منخفضة داخل المبنى، وأن هناك مكيفين «ستاند» بقوة ٥ أطنان للواحد يتم تشغيلهما في كل عنبر من العنابر الستة التي يتكون منها المبنى، ووجدنا أن هناك حركة مستمرة فوق سطح المبنى وبسؤالنا عرفنا أن الفنيين يقومون بالأعمال النهائية لاستبدال المكيفات المركزية «السنترال» الجديدة، والتي ستكون بقوة ٢٨ حصانا للجهاز الموجود في كل عنبر، بدلا من الأجهزة القديمة التي كانت بقوة ١٨ طنا فقط.



وأوضح لنا النقيب جاسم الملا حقيقة المشكلة فقال: هناك شركة بحرينية متخصصة في صيانة المكيفات وبرادات المياه بإدارة الإصلاح والتأهيل، تتلقى أي بلاغات منا على مدار الأربعة والعشرين ساعة، وتقوم بأعمال الصيانة على الفور، أما إذا احتاج الأمر إلى تركيب قطعة غيار أو استبدال واحدة بأخرى، فإننا نقوم بمخاطبة الإدارة ويتم عمل اللازم.

وما حدث أننا تلقينا شكاوى من بعض النزلاء من عدم كفاءة أجهزة التكييف، وطلبنا الشركة بعمل كشف كامل على الأجهزة، فقامت الشركة بالفحص، وقدمت لنا تقريرا يفيد بأن أجهزة التكييف أصبحت قديمة وتحتاج إلى تغيير، فقرر المفتش العام لوزارة الداخلية باستبدالها على الفور، ولأنها أجهزة كبيرة وضخمة، فقد تم على وجه السرعة شراء القطع الأساسية من دولة شقيقة، وبدأ العمل في إزالة المكيفات القديمة، وبدء بناء الأجهزة الجديدة.

ويتوقف النقيب جاسم الملا لحظة ثم يقول: نعم هذه الأجهزة تبنى بمعنى الكلمة، فهناك «صبيات» خاصة من الأسمنت يتم صبها على الأسطح، ويتم تركيب المواسير والكمبروسورات وطبقات العزل، وهذا يأخذ وقتا، ولذلك فقد قمنا بتركيب جهازى تكييف «ستاند» بقوة خمسة أحصنة للواحد داخل كل عنبر من العنابر الستة للمبنى، ولأن هذه الأجهزة تحتاج تيارا قويا، فقد قمنا بإنشاء مولد خاص «جنريتور» بجوار مبنى ٤.

ويؤكد النقيب الملا أن الانتهاء التام من المكيفات الجديدة سوف يتم خلال أقل من ٤٨ ساعة، لتنطلق بعدها بكل طاقتها.

تجولنا داخل العنابر وتحدثنا مع بعض النزلاء فيما آخرون نائمون داخل الزنازين، ولم نجد أثرا لشكوى حقيقية من المكيفات على الوضع الحالي.

٢٢١ وجبة خاصة

التعرف على حقيقة وجبات الطعام التي تقدم للنزلاء والتي كانت أيضا محلا للشكاوى والادعاءات، كان هدفا رئيسيا لزيارتنا إلى دار الإصلاح والتأهيل، وقد تصادف خلال وجودنا هناك أن رأينا المندوبين المتعهدين بتوريد وجبات الطعام، كان أحدهما بريطانيا والآخر من جنسية عربية، ورأينا معهما القائمة الجديدة للطعام، وعرفنا أن النزلاء كانوا قد أبدوا عدم رضاهم على وجبة السحور التي تضم الصالونة، وطلبوا طعاما جافا كالأجبان والروب واللبن، فتمت الموافقة على التعديل وقد بدأ العمل بالوجبة الجديدة للسحور خلال اليومين الماضيين.

يقول النقيب جاسم الملا: هذه الشركة هي التي تقوم بتوريد الوجبات، إلى النزلاء والموظفين والضباط على حد سواء، وإذا رأينا أن هناك شكوى من وجبة معينة من عدد كبير، كما حدث بالنسبة إلى السحور يتم طلب استبدالها من الشركة.

الطريف كما علمنا من القوائم الموجودة لدى مندوبي الشركة، أنه من بين الوجبات التي تقدم لحوالي ألف نزيل في دار الإصلاح والتأهيل، هناك ٢٢١ وجبة وخاصة يحددها الأطباء ومشرفي التغذية للنزلاء.

فعندما يحضر النزيل إلى دار الإصلاح والتأهيل، يتم عمل فحص طبي شامل له، وإذا اشتكى من مرض معين أو اثبت الفحص ذلك، كأن يكون مريضا بالقلب أو السكري أو الضغط، يحدد له الطبيب الوجبة المناسبة، ويتم طلبها من الشركة.

وهناك بعض النزلاء يشكون من مشكلات في المعدة، أو من عدم قدرتهم على تناول اللحوم أو الطيور، أو أنهم نباتيون، هؤلاء تزورهم مشرفة التغذية التابعة للإدارة الصحية والاجتماعية بالوزارة، وتحدد لهم وجبات خاصة.

لذلك تقوم الشركة يوميا بتقديم ٢٢١ وجبة خاصة، منها ١٣٤ وجبة بدون بهارات وبدون دهون لمرضى القلب والمعدة والضغط، و٥٢ وجبة خاصة لمرضى السكري، و٣٥ وجبة بدون أسماك ولا لحوم لنزلاء نباتيين أو يعانون من مشكلات عند تناول الأسماك واللحوم.

ويؤكد مندوبا الشركة أن الوجبات الخاصة بالإفطار يبدأ توزيعها على النزلاء اعتبارا من الرابعة والنصف عصرا، وتنتهي عملية التوزيع قبيل الإفطار.

دكان الدار

ويضيف النقيب الملا: بالإضافة لوجبات الشركة فمن حق أي نزيل أن يشتري ما يريد من من فرع شركة للمواد الغذائية في الدار، يعرف بدكان الدار، حيث يمكن لأسرة النزيل أن يضعوا له في خزينة الدار مائة دينار، تسجل على نظام الكمبيوتر، ويسحب منها النزيل وقتما شاء من الدكان، ويمكنه أن يشتري ما يريد من سندويتشات أو أنواع البسكويت والعصائر والمرطبات، وكل ما يحتاج إليه النزيل من أجل نظافته الشخصية، كالصابون والشامبو ومعجون وفرشاة الأسنان.

وإذا كان الحد الأقصى للمبلغ الذي يمكن أن يتركه الأهل هو مائة دينار، فليس هناك حد أقصى لعدد المرات التي يمكن أن يودع فيها الأهل مبالغ لدى الإدارة خلال الشهر.

حقوق كاملة

سألت القائم بأعمال مركز وإصلاح وتأهيل النزلاء: ما هي الحقوق التي ينالها نزلاء دار الإصلاح والتأهيل؟ وهل تم الانتقاص من هذه الحقوق مؤخرا؟

قال النزيل له حقوق كثيرة ينالها كاملة، وفي إطار الحرص على تحقيق الشفافية التامة، وقع وزير الداخلية برتوكولا مع الصليب الأحمر الدولي، قام بموجبه أعضاء الصليب الأحمر بزيارتين للدار، وهم يهتمون بشيئين أساسيين هما الظروف المعيشية وطريقة المعاملة، وقد قابلوا نزلاء من جميع النوعيات وكانت ملاحظاتهم إيجابية.

ويضرب أمثلة بالحقوق التي ينالها النزلاء فيقول: هناك أنشطة رياضية وترفيهية يحق لجميع النزلاء الانخراط فيها، فكل مبنى تتوافر فيه ملاعب للكرة وللسلة وكرة الطاولة والبلياردو، بالإضافة إلى الألعاب الشعبية كالكيرم والدومينو والشطرنج.

وخلال شهر رمضان الحالي، هناك دورة لكرة القدم بين فرق يمثل كل منها أحد المباني، وسوف تتم التصفية بينها لتحديد الفائز بالدورة.

وهناك زيارتان شهريا لكل نزيل للأقارب حتى الدرجة الرابعة، ومن حق كل نزيل الاتصال الهاتفي مدة نصف ساعة أسبوعيا، وبالنسبة إلى المتهمين في قضايا الأموال والشيكات، الذين يمنحهم القانون إمكانية إسقاط دعاواهم بعد تسوية ما عليهم، فإنهم يمنحون نصف ساعة إضافية من الاتصالات الهاتفية، ولجميع النزلاء حق الاتصال بالمحامين، وللأجانب حق الاتصال بسفاراتهم أو بالسفارات التي ترعى مصالح بلادهم.

ويضيف: هناك رعاية صحية تقدم على مدار الساعة من خلال عيادة بها طبيب عام مقيم مستعد للكشف على أي حالة على مدار الساعة، وطبيب نفسي يزور العيادة ٣ مرات أسبوعيا، وطبيب اسنان ٥ ايام أسبوعيا، وأجهزة للأشعة (أكس راي) والترا ساوند، وعيادة للعالج الطبيعي، وحجرة للإقامة القصيرة مكونة من أربعة أسرة وسيارتي إسعاف.

مسابقتان للقرآن

تحدثنا عن الحقوق الدينية فأكد النقيب الملا أنها متوافرة لكل الديانات، وهنك مصلى بكل مبنى وحرية لإقامة الشعائر، وهناك مسابقتان دينيتان لها جوائز مالية وقيمة يتنافس فيها ٣١٦ نزيلا، الأولى مسابقة برعاية وزير الداخلية لحفظ القرآن الكريم يشارك فيها ١٩١ نزيلا، ومسابقة تحت رعاية مدير إدارة الإصلاح والتأهيل يشارك بها ١٢٥ نزيلا، والتصفيات في المسابقتين ستتم خلال أسبوع.

ويضيف: العدد المشارك في المسابقتين يقترب من ثلث عدد النزلاء في «جو» وهذا يوضح أننا نركز على جانب العبادة والإصلاح النفسي للنزلاء عن طريق العبادة وقراءة وحفظ القرآن الكريم.

وهناك ايضا جوانب أخرى للإصلاح تتم في ورش الدار، التي يلتحق بها الراغبين في العمل، لأن العمل في الدار ليس إجباريا، وهي مفيدة للنزلاء الراغبين في تعلم مهن، كالنجارة والكهرباء وصيانة وصبغ السيارات، وأشغال الديكور، وهم يتقاضون مبلغا ماليا شهريا مقابل العمل في هذه الورش.









.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة