الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٩٦ - السبت ٩ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ١٩ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

خطيب جامع الخير:

العنف والإرهاب لا تبررهما ادعاءات باطلة أو شعارات كاذبة





قال الشيخ صلاح الجــودر خطيب جامع الخير بقلالي في خطبته أمس: إن الأمنُ والاستقرار مطلبان لكل الشعوب والمجتمعات، تتسابق لأجلهما الأنظمة والحكومات، فتعمل الدراسات وتسخر الإمكانيات لتعزيزهما، إذ لا تهنأ حياة، ولا يستساغ طعام، ولا يتلذذ بنوم في ظل غياب الأمن وانعدام الاستقرار، فالأمن تاج على رؤوس الآمنين المستقرين لا يراه إلا من عاش الخوف والرعب والدمار.

إذا اختل الأمن وتزعزعت أركان الاستقرار-عياذا بالله- حينها يخرج اللصوص ويظهر قطاع الطرق، وناشرو الرعب وممارسو العنف، ودعاة التخريب والتدمير، حينها تعم الفوضى ويرى الخراب، وتسود شريعة الغاب، ولمن شاء فليسأل أبناء الرافدين (عراق العروبة) ماذا حل بأرضهم من خراب وبوار؟ فقد ظهرت الجريمة، وانتهكت الأعراض، وسلبت الأموال، وفسد معاش الناس، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وطنكم البحرين اليوم يتعرض لمخطط تغيير هويته من خلال نشر العنف والرعب والتخريب والإرهاب، فما عرضه تلفزيون البحرين بالأمس من أحداث أسبوع كامل حري بالعقلاء والحكماء في هذا الوطن، أن يفيقوا من سكرتهم، ويعودوا إلى رشدهم، إذ كيف بهم وهم يرون أبناءهم يغلقون الطرقات أمام الناس، ويحملون الأسلحة ويرمون القنابل، بالله عليكم أهذا من دين محمد (صلى الله عليه وسلم)؟ إنها أعمال مخالفة لأحكام شرع الله، أين الجميع من قول النبي (صلى الله عليه وسلم): (لا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما).

لزاماً علينا جميعاً أن نتصدى لدعاة العنف والإجرام والإرهاب، إنهم خوارج العصر، يقتبسون منهجهم من فكر الخوارج الذين خرجوا على الإمام علي بن أبي طالب(رضي الله عنه)، فنالوا منه ونالوا من أصحاب رسول الله وأمهات المؤمنين، أنه نفس الفكر المدمر يعود مرة أخرى في هذا العصر، فخوارج العصر يدعون للقتل باسم الدفاع عن النفس، ويأمرون بتدمير وأتلاف الممتلكات العامة والخاصة باسم التكليف الشرعي، فقد عميت بصيرتهم وزين لهم الشيطان أعمالهم، ولو عادوا إلى قراءة الأحاديث النبوية الشريفة لوجدوا صفاتهم في حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) حين قال: (تحقِرون صلاتكم عند صلاتهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوِز حناجرَهم)، فالخوارج هم أول من أفسد في أمة محمد(صلى الله عليه وسلم)، فدعوا لإسقاط الخلافة الراشدة وقتل الصحابة، فقد قتلوا الخليفتين عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب(رضي الله عنه).

العنف والإرهاب في الحالة البحرينية تحتاج إلى مزيد تحليل وتشخيص، فمن أعظم أسباب انحراف الشباب وتبنيهم للفكر التدميري:

أولاً: الجهل بالمؤامرة الكبرى التي تتعرض لها منطقتهم، فقد غسلت أدمغتهم بمفاهيم البطولة والتضحية والفداء، وزين لهم الشيطان أعمال العنف والتخريب.

ثانياً، العزلة عن المجتمع، فالكثير منهم يعيش بعيداً عن مجتمعه، العزلة التي كانت سبباً في تصوير الآخرين أعداء ومتربصين ومغتصبين، لذا يحمل الشاب في فكره العداء للآخرين، سواءً لرجال حفظ الأمن أو المختلفين معه مذهبياً أو طائفياً، أو حتى المواطنين الآخرين، فالكثير من أولئك الشباب أصيب بداء الغلو، والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: (إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو).

ما عرضه تلفزيون البحرين من أعمال عنف وتخريب وتدمير في بعض المناطق والقرى تستنكرها شعوب العالم، فالجميع رأى سد الطرقات، وإشعال الإطارات، ورمي القنابل، بالله عليكم أليست ألسنة النار والأدخنة ذات تأثير على الناس والقاطنين، أنها تلوث بيئي يصيب الكثير من أبناء تلك المناطق بالأمراض والأوبئة، فأين منظمات حقوق الإنسان لترى ما يفعله الإرهابيون في هذا الوطن ؟

الأمن والاستقرار الذي يعيشه أبناء هذا الوطن يثير حقد الحاقدين، وقوة الأجهزة الأمنية ومعنوياتها العالية تزعج نفوس الطامعين، وإن وحدة أبناء هذا الوطن خلف قيادتهم السياسية خيبت ظنون المتربصين، نعم هذا الوطن صغير وإمكانياته قليلة ولكن باعتماده على رب العالمين رد كيد الكائدين. إن العنف لا يهزم القِيم، والإجرام لا يقوض المنجزات، وإن الإرهاب أبداً لا ينتصر على الحق، فالعنف والإجرام والإرهاب لا تبرره ادعاءات باطلة ولا شعارات كاذبة، فشعوب العالم ترفضها لأنها لا تستقيم مع الفطر السليمة، إن ما جعل الأعداء يموتون كمداً هو صبركم وجلدكم، وتفويتكم لمخططهم التدميري.

واجب الإنسان في هذه الحياة أن يسعى لتعزيز أمنه واستقراره، مهمته أن يعيش مع شعوب العالم- مسلمين وغير مسلمين- بأمن وأمان، فكيف بمن يعيش معه في وطن واحد، يقتسم معهم الأرض والمعيشة والحياة تحت مفهوم العيش المشترك، فالدعوة للعيش المشترك تقوم على مبادئ احترام الآخرين، والاعتراف بهم والتعامل معهم، والالتزام بالأخلاق الحميدة، فلا معنى للتعايش في ظل الإساءة والاستهزاء والسخرية أو انتقاص الآخرين، لا معنى للتعايش في ظل التسقيط والتسفيه والازدراء.

في ظل الأحداث الجسيمة التي تتعرض لها المنطقة، وما نشاهده من أعمال عنف مدفوعة من إيران عبر قنواتها الطائفية، يخرج علينا مرة أخرى المدعو نبيل رجب لينال من كرامة أبناء المحرق عبر كتاباته السمجة على صفحته بالتويتر، لسنا هنا للدفاع عن أبناء المحرق وتاريخهم النضالي ضد المستعمر البريطاني، فالجميع يعلم حجم التضحيات التي قدمها أبناء المحرق لخروج المستعمر البريطاني، فهناك الكثير من الشهداء والمنفيين، فقد كان نضال أبناء المحرق لأخراج المحتل البريطاني، والتصدي للتدخلات الإيرانية.

أبناء المحرق اليوم يمارسون دورهم الوطني في التصدي للتدخلات الإيرانية، ويتصدون لعملائها في الداخل، ومع تلك المسئولية فهم يتصدون لكل من يسيء لهم، والدعوى القضائية ضد المدعو نبيل رجب ليست لإثبات مكانتهم وتاريخهم ونضالهم فالشواهد كثيرة، ولكنهم يرفعونها لإيقاف كل ما يهدد أمن وسلامة المجتمع، فما يقوم به المدعو نبيل رجب إنما من أجل افتعال الصدام المناطقي وإشغال الناس عن قضيتهم الكبرى وهي السعي للاتحاد الخليجي.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

من أصداء الحوار

عندما نتصدى بالكتابة عن وزير الداخلية فإننا لا نتناول شخصه الكريم، إنما نخوض في معاناة شعب بأكمله، ونتعامل ... [المزيد]

الأعداد السابقة