الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٩٦ - السبت ٩ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ١٩ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

الشيخ علي مطر:

الكذب يهدي إلى الفجور





قال الشيخ علي مطر في خطبة الجمعة بمسجد ابي بكر الصديق :

لقد حذَّر نبينا صلى الله عليه وآله وسلّم أمته من الْكَذِب بأنواعه فقال في الحديث المتفق على صحته: « إيَّاكُم والكذبَ فإنَّ الكَذبَ يَهْدِيْ إلى الفُجُورِ وإنَّ الفجورَ يهدِي إلى النار ولايزالُ الرجلُ يكذِب ويتحرَّى الكذبَ حتى يُكتَب عند الله كَذَّاباً»

* ومن أخطر وأعظم أنواع الكذب هو الكذب على الله تعالى والكذب على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال الله جل جلاله: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا...».

وقال سبحانه «إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ».

أخبر تعالى أنما يفتري الكذب على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم شرار الخلق الذين لا يؤمنون بآيات الله تعالى، وهؤلاء قد توعدهم الله بعواقب وخيمة في الدنيا والآخرة وعذاب الآخرة أشد.

قال تعالى: «وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ».

* فالكذب والتقول على الله ورسوله جرأة عظيمة وظاهرة غريبة وقع فيها البعض إما تعمدا للطعن في الدين وتشويهه أو لطمع دنيوي زائل فيبيع دينه بعرض من الدنيا، أو جهلا، أو عدم مبالاة أو استهانة بحرمات الله تعالى...وغيرها من الأسباب.

ويدخل في هذا الكذب والافتراء تحليل شيء مما حرم الله، أو تحريم شيء مما أحله الله، أو تأويل آيات القرآن على غير مراد الله تعالى كما تفعل طوائف من أهل البدع كالباطنيين وغيرهم، أو ابتداع بدعة وخرافة ثم تجعل دينا وشرعا وعبادة، ويدخل في هذا الباب من يُفتي ويقول على الله بغير علم، أو يتقول على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشيء لم يقله ولم يفعله.

والعجيب أن بعض هؤلاء لا يتكلمون ولا يتدخلون في الطب ولا الهندسة ولا الكمياء والفلك ويقولون هذا تخصص، وأما الفتيا في الدين والتحليل والتحريم فمباح والله المستعان.

قال الله تعالى: «وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ، مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ».

أي لا تقولوا عن شيء هذا حرام، وهذا حلال، إذا لم يأتكم حله وتحريمه عن الله ورسوله، فالذي يحلل ويحرم هو الله وحده.

قال شيخ الإسلام: «..فَلا يُجْعَلُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا إلا مَا جَعَلَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا وَلا يُنْكَرُ إلا مَا كَرِهَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.فَلا دِينَ إلاّ مَا شَرَعَ اللَّهُ وَلا حَرَامَ إلا مَا حَرَّمَ اللَّهُ».

* وعن الكذب على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتعمد رواية الأحاديث المكذوبة عنه، يقول عليه الصلاة والسلام محذرا ومرهبا:

«مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».

«إن كذباً عليّ ليس ككذب على غيري من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار».

وهنا يجب على المسلم أن يتحرى ويتثبت من صحة ما ينقله وينسبه إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أحاديث وخاصة فيما يتم تناقله في وسائل الاتصال الحديث.

** فالكذب على الله ورسوله ظلم عظيم وخطيئة كبيرة، ومظهر من مظاهر النفاق والخذلان، وتطاول على الله تعالى، وإضلال للعباد، وصدٌّ عن دين الله الحق،

قال تعالى: «قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ».

وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أن من أشراط الساعة قبض العلم وظهور الجهل، إذ الجهل سبب من أسباب الكذب على الله والافتراء على دينه وشرعه فقال:

«إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا».

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا».

** فالكذب على الله ورسوله، والفتيا بغير علم، والجهل بدين الله كلها من الأسباب المؤدية إلى الاختلاف والتفرق والابتعاد عن الحق ورده..



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

من أصداء الحوار

عندما نتصدى بالكتابة عن وزير الداخلية فإننا لا نتناول شخصه الكريم، إنما نخوض في معاناة شعب بأكمله، ونتعامل ... [المزيد]

الأعداد السابقة