الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٩٦ - السبت ٩ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ١٩ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

الدكتور عبدالرحمن الفاضل في خطبة الجمعة:

هاتوا سلاحي قد تعبت من الخطب.. ما عاد يجدينا التكلم يا عرب!





قال الدكتور عبدالرحمن الفاضل خطيب جامع نوف النصار بمدينة عيسى في خطبته ليوم الجمعة أمس، قال تعالى: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ».. «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ..».

ما الخطر الذي يتهدد العالم اليوم ويحذر أعداؤه خوفاً منه؟ ما الخطر الذي سيعيد العالم إلى الوراء مئات السنين؟ ما الخطر الذي جُندت له مختلف الوسائل والإمكانات لصده؟! أتعلمون ما هو؟! إنه خطر الإسلام الذي يتوقعون أن يجتاحهم, فينهي أطماعهم, ويبدد أحلامهم، ولذا نرى ضراوة هجماتهم الهمجية التي تشن على الإسلام, وأهله المصلحين, في عداءٍ بينٍ, وفجور مستحكم؟! إنهم يحذرون من الإسلام, ويشوهون صورة المتمسكين به, يصمونهم بالرجعية والإرهاب تارة, ويصفونهم بالجهل والتهور تارة أخرى, واليوم وقد أصبح المسلمون قاب قوسين أو أدنى من الحكم في بلادهم, فإنهم يشيعون عنهم بأنهم لاقدرة لهم على أن يديروا شركة صغيرة, فكيف بهم أن يحكموا بلداً!؟ كونهم ليسوا مؤهلين مادامت مرجعيتهم الإسلام, أيريدونها دولة دينية!؟ هكذا هم يروجون ويرهبون, إنها سلسلة متصلة من العداوات والحسد لهذا الدين منذ أن أعلن المصطفى - صلى الله عليه وسلم- دعوته ونشر دينه وأقم دولته. «ولايَزَالُونَ يُقَاتلُونَكُم حَتى يَردَّوكُم عن دينِكًمْ إنْ استطَاعُوا..»

وقد وصف هذا الخطر شاعر الإسلام الحكيم محمد إقبال في قصيدته (برلمان ابليس) على لسان ابليس بعد أن تذاكر مع أتباعه الخطرالذي يتهدد نظامهم الجاهلي الإبليسي, فيقول: إن كنت خائفاً فإني أخاف أمة لا تزال شرارة الحياةِ والطموح كامنةً في رمادها, ولا يزال فيها رجال تتجافى جنوبهم عن المضاجع وتسيل دموعهم على خدودهم سحراً, لا يخفى على الخبير المتفرس أن الإسلام هو فتنة الغد وداهية المستقبل.. وإنني أخاف أن قوارع هذا العصر. ستوقظ هذه الأمة وستوجهها إلى شريعة - محمد صلى الله عليه وسلم- إني أحذركم وأنذركم من دين محمد - صلى الله عليه وسلم- حامي الذمار، وحارس الذمم والأعراض, دين الكرامة والشرف, دين الأمانة والعفاف, دين المروءة والبطولة، دين الكفاح والجهاد, يلغى كل نوع من انواع الرق, ويمحو كل أثر من آثار استعباد الإنسان, لا يفرق بين مالك ومملوك, ولا يؤثر سلطاناً على صعلوك, يزكى المال من كل دنس ورجس ويجعله نقياً صافياً ويجعل أصحاب الثروة والملاك مستخلفين في أموالهم أمناء لله ووكلاء على المال. فأي ثورة أعظم وأي إنقلاب أشد خطراً مما أحدثه هذا الدين.. يوم أن صرخ بأن الأرض لله لا للملوك والسلاطين. فابذلوا جهدكم أن يظل هذا الدين متوارياً عن أعين الناس. وخير لنا أن يبقى المسلم مشتغلاً بمسائل علم الكلام والإلهيات والجدل فيها, واضربوا على آذان المسلم فإنه يستطيع أن يكسر طلاسم العالم ويبطل سحرنا، إلا بأذانه وتكبيره, اجتهدوا أن يطول ليله. أشغلوه عن الجد والعمل حتى يخسر الرهان في العالم. خير لنا أن يبقى المسلم عبداً لغيره, ويهجر هذا العالم ويعتزله.. ياويلتنا ويا شقوتنا لو انتبهت هذه الأمة التي يعزم عليها دينُها أن تراقب العالم وتحرسه (انتهى كلامه).عن الكتاب القيم «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين» لأبي الحسن الندوي رحمه الله تعالى هذه هي حقيقة ما يضمره أعداء الإسلام وهذا هو الواقع؟ ولعل من أخطر الوسائل التي استقلت لضرب الأسلام هي أن يقود حملة التشويه نيابة عن الأعداء عملاؤهم ممن والاهم من الذين ينتسبون إلى الإسلام, فباعوا أنفسهم للشيطان والأعداء والتحقوا بهم عن علم ودراية وطمع في الحصول على شهوات دنيوية فانية تافهة يلقيها إليهم بإحتقار ذلكم العدو!؟

إن خطر أعداء الإسلام كبير وحربهم ضد الإسلام بلا هواده يستغلون كل صغيرة وكبيره يشترون تارة بالمال, ويغرون بالشهوات أصحاب النفوس الضعيفة, وأخرى بالتخويف والترهيب, كل ذلك من أجل ضرب الأسلام وتشويه صورته لتنفير الناس منه. والعجب ليس من أعداء الإسلام, والأعجب من ذلك, أن يأتي التشويه على أيدي من يلبسون لباس المشيخة والعلم يجوبون المساجد ويتهجمون في أحاديثهم على خيرة علماء الإسلام والعاملين الذين أفنوا حياتهم من أجل خدمة الإسلام.وتعرضوا في سبيل دينهم خلال عمرهم المديد الحافل في ميادين الدعوة إلى الأذى والإضطهاد من قبل الحكام وأعداء الاسلام.. واليوم تأتي فئات مطموسة حفظت ماحفظت، لتتطاول على أولئك العلماء الذين نحسبهم والله حسيبهم ولا نزكى على الله أحداً انهم من المجاهدين المصلحين المخلصين في خدمة الإسلام والمسلمين، وذلك من خلال أعمالهم الجليلة التي قدموها دفاعأ عن الدين, والذود عن حياضة! ثم إنه يأتي غمر مطمور غير معروف، لينتقص من هامة سامقه في علم ورمز راسخ من رموزه، من أجل أنه لم يرتض رأياً فقهياً خالفه فيه!!. مع أن الإختلاف في الفقه فيه سعة بين العلماء قديماً وحديثاً. ولكن هؤلاء لا يسعهم الإختلاف إلا أن يجعلوه خلافاً لايسعهم إلا إشعال فتيله لتشويه هذا أو ذاك من العلماء ممن يختلفون معهم فيما يجوز الإختلاف فيه؟!

لقد صليت العشاء في أحد المساجد فإذا بأحدهم يتحدث بعد الصلاة أسقط في حديثه ما تقول به الفرق الضالة المنحرفة عن منهج السلف الصالح قديماً وحديثاً على بعض علمائنا ممن نعلم صحة إعتقادهم من خلال دروسهم المباشرة, أو ما قرأناه فيما دونوه في كتبهم القيمة, غير أن هذا المتحدث سعى عامدا في غير منهج علمي, ولا في درس علمي متخصص لأهل الإختصاص, سعى إلى محاولة تشويه صورة أولئك العلماء الفضلاء, واختار من أقوالهم, وابتسر من احاديثهم وفتاواهم ما يؤيد ما يذهب إليه!! لم كل هذا الهجوم على علمائنا الثقات, وفي هذا الوقت بالذات؟! ونحن في هذا لا ندعي العصمة لأي عالم من علماء الإسلام فكل يؤخذ من قوله ويرد عليه، إلا الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم- لم هذا الهجوم غير المبررالذي يخدم أعداء الإسلام, ويسهم عن عمد في التشويش على عوام الناس، أليفقدوا ثقتهم في العلماء المصلحين؟ إنها دعوات مشبوهة!

إنّ خطر أحاديث هؤلاء يكمن في أن عوام الناس ينخدعون بأقوالهم وبطرائق أساليبهم وحسن منطقهم وترديدهم لقال تعالى, وقال رسوله -صلى الله عليه وسلم-. فهؤلاء أخطر الأسلحة الفتاكة التي يستقلها الأعداء لضرب الإسلام والمسلمين، احذروا امثال هؤلاء الذين يتطاولون على علمائنا ممن شهد لهم الداني والقاصي بغزارة العلم, وصحة المعتقد والإتباع, والصلاح الإصلاح, فلا تقبلوا للمندسين الخائضين في أعراض العلماء والمغتابين لهم, كلاماً, ولا تسمعوا لهم حديثاً فيه طعن قصد به التشويه والتنفير من أكابر علماء الأمة العاملين!!.. اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد؟!

إن المخطط الأرهابي الذي تقوده دول العدوان الكبرى من أجل تأخير عودة الإسلام لن يقف عند حد, فهم يتحركون بالتعاون مع كل قوى الأرض الكافرة والمنافقة في العمل على تأخير مجيء الإسلام السني الحقيقي الذي يخشونه على مابينا سابقاً, ولذا تركوا المجال وأفسحوا الطريق ومهدوه أمام قيام الدولة الصفوية الشركية البدعية المنحرفة، لعلمهم أنها ستنفعهم, وهي صنيعتهم ولن تضرهم بشيء!؟ وعلى هذا تراهم أسهموا في قيامها, وتعاونوا معها بعد ذلك على ضرب كل تحرك سني: أفغانستان, العراق, سوريا, وتدخلاتهم في دول مجلس التعاون السنية. إنهم يستميتون من أجل ألا ينهض المسلمون السنة، لأنهم كما ذكرنا سيفقدون السيطرة على هذه المنطقة المهمة، ولهذا هم ممعنون في التحذير من حكم الإسلاميين, الذين لم يحكموا بعد, ولم يظهر منهم ما يرمونهم به، ولنا أن نسأل ما الذي يجنيه العالم اليوم من الأنظمة الحاكمة؟! ألا يعيش العالم اليوم أسوأ حالاته تحت ظل الأنظمة القائمة؟! أين العدالة, أين الحريات, أين الحقوق, أين المساواة؟! لا نرى إلا ظلماً قاهراً, وحقوقا للإنسان مهدرة, ولعل الصورة تكون واضحة لضياع تلك الحقوق, ما يتعرض له المسلمون السنة على وجه الخصوص من صور الإضطهاد, والتفتيت وطمس الهوية، بل والتطهير العرقي والمذهبي على أيدي المنافقين والصفويين والنصيرين! وبنظرة إلى المجازر اليومية التي ترتكب ضد أهل السنة في سوريا وفي العراق والأحواز وايران, تحت بصر وسمع العالم, من دون أن تحرك تلك المذابح والمحارق للرجال والنساء والأطفال شيئاً سوى الشجب والاستنكار المتبوع بقرار تشكيل لجنة بعد كل مجزرة, في موقف لا يحتمل الشك في أنها مؤشر أكيد في إفشال الثورة, أو إقامة دولة نصيرية، روسيا, الصين, الأمم المتحدة بمنظماتها شريك في الجرم العظيم الذي يرتكب اليوم في سوريا, والعرب بسكوتهم وتخاذلهم شركاء, وليس بمستغرب منهم فقد سكتوا من قبل على ضياع فلسطين بمقدساتها ولم يسترجعوها, وهاهم اليوم يسكتون عما يحدث في سوريا. فهل استمرأ العملاء السكوت؟!

هاتوا سلاحي قد تعبت من الخطب ما عاد يجدينا التكلم يا عرب

فهل نهب نصرة لله ودينه وأمته. «إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ..» اللهم نصرك لعبادك الموحدين في سوريا, وفلسطين, والعراق والأحواز, وإيران, وفي كل مكان يعز فيه الإسلام والمسلمين.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

من أصداء الحوار

عندما نتصدى بالكتابة عن وزير الداخلية فإننا لا نتناول شخصه الكريم، إنما نخوض في معاناة شعب بأكمله، ونتعامل ... [المزيد]

الأعداد السابقة