الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٤٩ - السبت ١٤ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٠ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين


الشيخ علي مطر: علينا بضبط النفس لمنعها من التصرف الخاطئ





قال الشيخ علي مطر في خطبة الجمعة في مسجد أبي بكر الصديق:

مع موضوع في غاية الأهمية، نحن في أمس الحاجة للوقوف عليه وخاصة هذه الأيام، مع تغير الأحوال ووجود المشاكل والفتن والاضطرابات ونحوها.

وموضوعنا هذا ليس خاصا بفئة من دون أخرى، بل هو للرجال والنساء، للصغار والكبار، للمسئولين والسياسيين والحقوقيين، للعلماء وطلاب العلم وللعامة، لرجال القضاء والنيابة والأمن وغيرهم.

موضوعنا هو ضبط النفس، ويكون بمنعها من التصرف الخاطئ وخاصة في المواقف الطارئة والمفاجئة التي تتطلب قدرا من الحكمة وحسن التصرف والنظر في العواقب، وإن كان هناك استفزاز من أطراف، أو استدراج من جهات، وشائعات وأكاذيب من هنا وهناك، فيجب أن نتحكم في أعصابنا وتصرفاتنا وأقوالنا وأفعالنا.

×ولضبط النفس أهمية بالغة داخل الأسرة بين الزوجين، ومع الأولاد، وبقية الأقارب والأهل، ومع الجيران والزملاء، وفي الشارع، ومع الموظفين والمراجعين، مع المدرسين والطلبة ومواقفنا مع كل المتغيرات الاجتماعية والسياسية والمعيشية والاقتصادية، وفي جمعياتنا السياسية..

× فكثير من جرائم القتل والضرب والقذف، والخصومات والمشاجرات، والسب والاتهام والتحريض والطعن والتشكيك والدعوة إلى الانتقام، وحتى غالبية حالات الطلاق سببها عدم ضبط النفس.

وكثير من البلدان التي أصابها الخراب والدمار وحل بين أبنائها الفرقة والتشرذم إنما بسبب تصرفات ارتجالية هوجاء كانت تحتاج إلى علاج وقائي أساسي بسيط واحد ألا وهو ضبط النفس.

ولو تأملنا كيف كان حال نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم في مكة وما حصل له ولأصحابه من عداوة وإيذاء، وكم كان أصحابه رضوان الله عليهم يقولون أنقبل الدنية في ديننا؟ ولكن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بكل ثبات وعزيمة كان يوجههم إلى الصبر وضبط النفس، وعدم الاستعجال.

×فيجب أن نتحلى بالحكمة وبعد النظر، ونتسلح بالصبر والعلم... فضبط النفس مظهر من مظاهر القوة، وليس علامة على الضعف كما يظن البعض.

قال الله تعالى في سورة البقرة: «وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُو الألبَابِ».

وبذلك نستطيع أن نفوت الفرص على الذين لا يريدون لبلادنا الاستقرار، وعلى أولئك الذين يريدون أن يجرونا إلى الفرقة والتناحر والفتن.

قال الله تعالى في سورة الأعراف: «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ».

×فمن سلبيات عدم ضبط النفس، سرعة التأثر والغضب والانفعال والتهور، وردود أفعال متسرعة بغير دراسة ولا تفكير، وبدون تبصر، تكون عواقبها وخيمة، وتصرفات تجر إلى ويلات، ومصائب... فعلينا أن ننتبه لأبنائنا وشبابنا وأن نوجههم ونأخذ بأيديهم.

فقد ورد في الصحيحين من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصلارَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ».

روى البخاري من حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيلا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيلا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيلا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: غَارَتْ أُملاكُمْ».

هكذا عالج النبي صلى الله عليه وآله وسلم الموقف بكل هدوء وحكمة، وبدون انفعال ولا صراخ ولا غضب، وهكذا يكون ضبط النفس الذي لا يندم عليه الإنسان...

قال الله تعالى في سورة فصلت: «وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ، وَمَا يُلَقَّاهَا الا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ، وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتعد بالله انه سميع عليم ».



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة