الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٤٩ - السبت ١٤ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٠ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أخبار البحرين

الدكتور عبدالرحمن الفاضل:

رأس الفتنة أعلنها: «لا استقرار بعد كل هذه التضحيات».. فماذا تنتظرون؟





قال الدكتور عبدالرحمن الفاضل خطيب جامع نوف النصار بمدينة عيسى في خطبته ليوم الجمعة أمس: إنّ الإسلام يأبى على معتنقيه أن يستذلوا، بل إنه لم يجعل في قلب المسلم مكانا للذل؛ إلا ذُلَ التواضع والرحمة لأخيه المسلم: «أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين»، «محمدٌ رسولُ الله والذين معه أشداءُ على الكافرين رُحماءُ بينهم» وما عدا ذلك فلا ذل ولا استذلال، وإنما عزة واعتزاز على كل من في الأرض من دون عدوان ولا طغيان: «ولله العزةُ ولرسولهِ وللمؤمنين ولكنّ المنافقين لا يعلمون».

ويوجب الإسلام على المسلمين أن يعتقدوا ذلك وأن يؤمنوا به، وأن يجعلوا هدفهم الأسمى تحقيقه، ليهيئوا لأمتهم مكانها الذي اختاره الله لها، وهو مكان الصدارة والتعليم، والهداية والقيادة.

الإسلام يريد للمسلم أن يمتلئ قوةً وعزةً، وأن يكون متبوعاً لا تابعاً. وأن يكون ذا سلطان ليس فوقه إلا سلطان الله. ومبادئ الإسلام العامة توجب على المسلم ألا يسكت على المعتدي، وألا يستخذي أمام المسيئ، وعليه أن يرفع الاعتداء: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم...» والنصوص تواردت آمرة برد المعتدي ومواجهته بما يردعه.

وإنه مما هو معلوم اليوم، ما تتعرض له البحرين من عدوان غاشم ظالم على أيدي عملاء مأجورين ينتسبون إلى هذا الوطن زوراً وبهتاناً لم يراعوا حرمته، ولا حرمة شعبه الأبي المسالم. فهاهم مستمرون في تصعيد عدوانهم على الوطن والمواطنين وقد أكد رأسهم في لقاء منشور يوم أمس (١٢/١/٢٠١٢) في صحيفة الفتنة الصفراء تأكيداً قاطعاً بقوله: لا يمكن أن يكون هناك استقرار بعد كل هذه التضحيات؟!. ومن هنا نقول لأصحاب وثيقة المصالحة ما قولكم في هذا الكلام الصريح؟ أليس في هذا رد لوثيقة الاستجداء والتخاذل والخور، وثيقة المصالحة الوطنية المزعومة التي لا تعدو كونها وثيقة دعاية وإعلان لمن أطلقها؟! السؤال مصالحة مع من، ولماذا؟! من بعد أن حدد القوم أهدافهم التي يرومونها. والتي يعملون لها بكل الوسائل الخبيثة والقبيحة القائمة على الدجل والكذب والتزوير!! فهم لا يخجلون ولا يستحون فهم يكذبون الكذبة أمام الناس والعالم؛ ثم يأتون وينكرون كذبهم دونما حياء!؟ أمينهم العام من قبلُ رفض أن يقول الخليج العربي واليوم تغير التكتيك فقال: إن الخليج عربي ومحوره المملكة العربية السعودية وهي المركز. ونحن لا نسعى إلى إيقاف هذا المركز بل نسعى إلى التفاعل معه.. وأن المعارضة (المخربين) لا تسعى إلى إقامة دولة ولاية الفقيه في البحرين.. ومن يسعى إلى تطبيق ولاية الفقيه لا يؤسس جمعية ويعمل على إصلاح النظام ويطالب بالتحول الديمقراطي.. مشروع المعارضة (المخربين) ليبرالي وليس مشروعاً دينياً هكذا يتحدث ببلاهة وكأنه يستغفل الطرف الآخر بحديثه المتضارب؛ الذي خلا من المنطق الرزين؟! لقد انكشف الغطاء وظهر ما تحته منذ زمن بعيد!! إن الأهداف والغايات التي تسعون إلى تحقيقها معلومة لا تخفى على أحد؟! وان زمن المجاملات والمداراة قد ولى بعد أن تعاملتم مع العدو مستعينين به على الوطن. هذا الوطن الذي استضاف الكثير منكم، وأمن لهم وطناً كريماً يعيشون فيه؛ إلا أنكم تنكرتم لكل خير قدم لكم، ومازلتم مصرين على تقويض الاستقرار، والتهديد المباشر بتدمير البلاد بعاصفة تجتاحها لتدمر كل شيء بحسب قولك!؟ وكيف يكون ذلك وأنت تدعي التمسك بالسلمية!؟ وهل تدمر السلمية البلاد؟ أم أن العنف الذي تمارسونه وتحرضون عليه هو ما دمر البلاد؟! أي كذب تروجون؟ وأي افتراء تنشرون؟! هل يعي أصحاب وثيقة المصالحة، أنهم واهمون بالمصالحة مع المخربين المصرّين على عدم استقرار البلاد بجعلها في حالة انفلات أمني دائم!؟

إنّ من مبادئ هذا الدين العظيم، دعوته إلى الألفة والمحبة والإصلاح بين الناس، ينكر العداوات، ويرفض التنافر.. هكذا هو ديننا؛ لذا فإنه لا مانع لدينا من أي مبادرة تدعو إلى المصالحة؛ لأن الوطن اليوم أحوج ما يكون إلى المصالحة وزيادة اللحمة فيما بين أبنائه الشرفاء المخلصين؛ مصالحة حقيقية خالصة لوجه الله تعالى؛ فالمتربصون بنا لا يودون لنا اجتماع كلمة، وتوحيد صف حتى لا نكون يداً واحدة على من سوانا، ممن يتحين الفرصة للإيقاع بنا. لذا كان من الواجب الشرعي ثم الواجب الوطني أن نقدم جميعاً المصلحة العليا للوطن من دون النظر إلى المصالح الشخصية والذاتية المحدودة الضيقة القاصرة.

وينبغى أن نناصح ونصارح قادة جمعياتنا السنيّة مصارحة وإن كانت مؤلمة ومحرجة، ومؤثرة على طموحات، ومؤخرة لأهداف البعض؛ إلا أنها ضرورية ومهمة؛ ذلك إن كنا جادين في حماية هذا البلد فيجب علينا أن نتوحد في جمعية واحدة، لا جمعيات متعددة؛ فالبحرين لا تحتمل تفرق شرفائها - وخاصة في هذا الوقت العصيب الذي تمر به البلاد - في عدة جمعيات - فالهدف اليوم والتوجه لابد أن يكون واحداً - مع علمنا بأن المصالح والوسائل مختلفة والارتباطات متعددة لدى كل جمعية!؟..لذا ندعو القائمين على هذه الجمعيات إلى التنازل والتخلي عن كل شيء قد يعوق توحيد الكلمة تحت قيادة واحدة تتحمل مسؤولية قيادة الجمعيات ؟ مع علمنا بأن هذه أمنية صعبة التحقق؛ لأن دونها عقبات وعقبات من مطامح ومطامع ؟ ذلك لتنوع الأجندات، واختلاف التوجهات، ومصادر التلقي.. ولكننا نقول ذلك، ابراء للذمة أمام الله تعالى، وإقامة للحجة يوم القيامة؛ بأننا سعينا ودعونا إلى ترك الفرقة، وجمع الشمل في صف واحد، وجعله كأنه بنيان مرصوص يشد بعضه بعضاً، فأصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- ومن تبعهم لم يتسن لهم النصر المبين؛ إلا تحت راية واحدة، وقيادة واحدة متحابة متكاتفة، علم المولى عز وجل صدقها، وصفاء قلوبها، وإثارها لا أثرتها؛ فنصرهم على عدوهم رغم قلة عدتهم وعددهم!؟ إننا نذكر بذلك قادة جمعياتنا وهم يرفعون شعار الإسلام، بأن يتقوا الله تعالى ويوحدوا صفهم، ولا تأخذن أحدهم العزة بالانفراد؛ فيتفرق الجميع من أجل مصالح دنيوية زائلة، أومطامع تافهة فانية، أو كسبت سبقا على الاخرين في سبق قد يضر بالآخرين!!.. لذا نحذر من تفرقكم وخلافاتكم مهما كان الخلاف؛ فهو من الشيطان الذي يعين عدونا المتربص بنا علينا للنيل منا، ومن وطننا.

وإياكم أن تأمنوا جانب الأفاكين المتلونين الذين يزخرفون أقوالهم، ويبدون توددهم كأمثال الدجال الخطير، والمفبرك الكبير الذي بدأ يدعو إلى المصالحة في وداعة ومخاتلة، وكأننا نحن من هدم المصالحة، وليس هو وأمثاله ممن أشعلوا نار الفتنة، لقد أصبح اليوم واعظاً يستشهد بالآيات ويستدل بالأحاديث، لعله يخدع جاهلا أو يلبس على غافل، فهل يفلح مرة أخرى في كذبه وفبركاته؟!

لعلنا نذكر بما صرح به أمينهم العام قبل أشهر بأنهم سيستمرون حتى تتحقق الأهداف ولو بعد عشر سنين !؟. كما نُذكر بقوله: «لا يمكن أن يكون هناك استقرار بعد كل هذه التضحيات» وهذا الكلام الخطير نضعه بين يدي المسئولين في الدولة؛ لنرى ما يتخذ من إجراء رادع حيال هذا التحريض المباشر على العنف!؟. أم انه سيعد من باب حرية الرأي والتعبير؟!

على الدولة أن تتحمل مسئوليتها تجاه هذا الخطاب التحريضي وغيره من الخطابات الداعية إلى إشاعة الفوضى في البلاد؟ لقد ملّ الشعب مراعاة ومدارات هؤلاء المخربين، ومن يقف وراءهم من تلك المنظمات والدول المحرضة التي لا تريد خيراً لبلادنا!! لقد قدمت البحرين كل ماعندها ووقفت من المخربين موقفاً متسامحاً لم تقفه دولة لا من قبل ولا من بعد؟! قلنا هذا مراراَ وتكراراَ. وهاهو القانون يُضرب به عرض الحائط قمطاً للحق وإرضاءً للباطل!! فها هي المساجد المهدمة وغيرها من دور عبادتهم الغصوبة والمخالفة للأنظمة والقوانين، والتي يمارس فيها التحريض على كل أنواع العنف، إضافة إلى ما اكتشف فيها من الأسلحة المعدة للاستعمال!؟ فها هي يُعاد بناؤها على أحدث المواصفات! ولكن على حساب وميزانية مَنْ؟! فإذا كانت قد شيدت على خلاف القانون، فلماذا لا يطبق القانون؟! وإلا لماذا هدمت؟ هل هي فورة غضب لم تكن بالحسبان؟! وعلى هذه الحالة غير المرضية للشعب البحريني، نقول للدولة إذا مارغبت في إتمام المصالحة، ونسيان كل ذلك الإجرام في حق الوطن، والتنكر لرجال الأمن الشرفاء الذين سقطوا غدراً بحراب وقنابل وسلاح المخربين، ودهسوا تحت عجلات سياراتهم بشهادة العالم كله!؟ نقول للدولة ما دمنا سنبني المساجد المهدمة وغيرها، إتماما للمصالحة طبقأً لتقرير لجنة التقصي، واسترضاء للمخربين، فإننا نقترح إعادة الدوار والنصب الذي كان فيه وتسميته بدوار اللؤلؤة؛ لا دوار مجلس التعاون؛ ولا تقاطع الفاروق الذي منذ الانتهاء من إنشائه لم يفتح للشعب رغم أهميته الاقتصادية وغيرها، الشعب يسأل إلى متى سيبقى تقاطع الفاروق مغلقا؟! «وَمَن يُهنِ اللهُ فَما لَهُ مِن مُكرمِ».



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة